19 سبتمبر 2025

تسجيل

تركيا بين الفشل الانقلابي والنصر الإلهي

18 يوليو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); محاولة انقلابية فاشلة قادتها مجموعة من الضباط الذين ادعوا أن انقلابهم جاء من أجل حماية الديمقراطية التي سلبها من الشعب التركي الرئيس رجب طيب أردوغان، فجاءت النتيجة عكسية عليهم، فالشعب الذي احتمى خلفه الانقلابيون بذرائع ومسميات باطلة من أجل تمرير مخططهم الانقلابي، تحول إلى سلاح فتاك لم تتمكن من قهره الدبابات والطائرات ولا حتى رصاص الانقلابيين الغادر الذي طال الأبرياء، ليلة الرابع عشر من يوليو، فالجيش التركي وعلى مر التاريخ هو قائد الانقلابات وصاحب فرض الإرادة على الحكومات مهما كان نوعها أو منهجها أو فكرها السياسي والأيديولوجي، وهذه هي المرة الأولى التي يقود فيها الجيش التركي انقلابا عسكريا فاشلًا للأسباب التالية: 1. إن المجموعة العسكرية التي قادت الانقلاب العسكري لم تكن تمثل غالبية المؤسسة العسكرية خصوصا القيادات العليا لها، وهذا ما أفقدها شرعية الانقلاب التي أدت إلى إصابة جسد هذه المؤسسة بنوع من المثلمة السلبية لتاريخها الكبير نتيجة هذا الانحراف الذي تبين أنه جاء على يد معارض مقيم خارج الأراضي التركية "فتح الله جولن"، ولهذا نجد أن الانقلابيين ركزوا في محاولتهم السيطرة على مبنى الإذاعة الرسمية من أجل إذاعة البيان الانقلابي الأول، لغلق الطريق أمام الحكومة الشرعية وعزلها عن التواصل مع الشعب، ولكن حكمة القيادة السياسية التركية وإيمانها العميق بأن الشعب سوف يلتف حول حكومته من أول نداء وجه لهم وهذا ما حصل فعلًا، فأفشل مخطط الانقلابيين، وبهذا انتصرت الحكومة بشعبها الحي الذي لم يستسلم لتسارع الأحداث رغم سخونتها وصدمتها.2.لقد وقع الانقلابيون في مصيدة سوء التخطيط والتقدير، فالانقلاب العسكري لم يشارك به قادة الجيش البري والجوي والبحري، إذ ظل القادة الكبار خارج المحاولة الانقلابية، التي لم تدم سوى ساعات قليلة، حيث فشل الانقلابيون في تعليق العمل بالدستور وإلغاء المؤسسات المنتخبة، والوصول إلى الرئيس أردوغان، الذي ظل حرا يقاوم الانقلاب ويدعو الشعب للخروج إلى الشارع. وقد سجلت المحاولة الانقلابية فشلا استخباراتيا وقعت به المؤسسة الأمنية والمخابراتية الحكومية التي أثبتت هشاشة عملها في إحباط المحاولة الانقلابية قبل وقوعها وهذا ما سيعيد النظر في أسلوب العمل الاستخباراتي والأمني الذي تتبعه للحيلولة دون تكرار الحدث مستقبلًا.3. رغم وجود حالة عدم توافقية بين الأحزاب السياسية المعارضة تجاه الحكومة، إلا أن رفض الأحزاب السياسية المعارضة للحكومة لتبييض الانقلاب أو توفير غطاء سياسي له، أعطى رسالة قوية إلى الشارع التركي بأن هذا الانقلاب غير شرعي ولا يمثل الإرادة التركية ومؤسساتها المدنية والعسكرية، خصوصا في ظل الأحداث التي تعصف بالمنطقة وغلو الإرهاب فيها، ولهذا إن الشعب التركي وصل إلى قناعة متناهية من الكراهية لتاريخ الانقلابات في بلادهم، وهذا لم يخلخل النسيج الشعبي التركي بل زاد من تلاحمهم ومنحهم الشجاعة للنزول إلى الشارع رغم حظر التجوال الذي أعلنه الانقلابيون.4. فشلت المجموعة العسكرية الانقلابية بالسيطرة على وسائل الاتصال والإعلام، التي ظلت خارج نطاق السيطرة، ما ترك للحكومة المنتخبة نافذة للتواصل مع القيادات العسكرية والأمنية المؤيدة لها في ملاحقة الانقلابيين ومحاصرتهم وإفشال مخططاتهم وهذا ما استثمره حزب العدالة والتنمية في تعبئة أنصاره وتوفير البنية التنظيمية القوية التي استطاعت أن تحرك الشارع التركي المؤمن به للتصدي للانقلاب والنزول إلى الشارع بقوة، إضافة إلى العامل الدولي الذي وقف بجانب حكومة أردوغان الشرعية ورفضه الانقلاب جملة وتفصيلا، ما جعل الانقلابيين محاصرين خارجيًا وداخليًا.5.إن الخطأ الإستراتيجي الذي وقع فيه الانقلابيون هو استخدام الرصاص الحي ضد أبناء المؤسسة العسكرية والمواطنين على حد سواء؛ ما أفقد شرعية الانقلاب والانقلابيين، لأن من يطلق الرصاص على الشعب ويتسبب بقتلهم وإراقة دمائهم لا يستحق أن يتسيد عليه أو أن يتحدث تحت أي مسمى ديمقراطي أمامه، لقد استخدم الانقلابيون الدبابات لسحق الشعب بالقوة من أجل الذود بالسلطة، بينما استخدم أردوغان الشعب لسحق الانقلابيين إيمانًا به، فعندما تؤمن الشعوب بأن من يقودهم يعمل لمصلحتهم وتحقيق رفاهيتهم ووحدة بلدهم، سيكونون هم من يحمي هؤلاء القادة وهم من يدافعون عنهم ويحمون إنجازاتهم التي قدموها لشعوبهم.