11 سبتمبر 2025

تسجيل

العجز يحيط بالاقتصاد الإثيوبي رغم الموارد الطبيعية والزراعية

18 يوليو 2012

رغم مواردها الطبيعة المتعددة وعدد سكانها الضخم، لا تكاد إثيوبيا تظهر على سطح الأحداث الدولية سوى مع انعقاد المؤتمرات الدورية للاتحاد الإفريقي الذي يقع مقره بها، إلى جانب أنباء الجفاف في بعض مناطقها أو نزاعها المسلح مع الصومال أو خلافها السياسي مع إريتريا. فإثيوبيا من حيث عدد السكان البالغ 94 مليون نسمة تحتل المركز الثالث عشر دوليا، ومن حيث قوة العمل البالغة 38 مليون شخص تحتل المركز السابع عشر عالميا من حيث قوة العمل، من حيث المساحة التي تزيد عن المليون كيلو متر مربع تحتل المركز السابع والعشرين عالميا. إلا أنها من حيث الناتج المحلي الإجمالي تحتل المركز الثالث والسبعين دوليا حسب تعادل القوى الشرائية، وينخفض ترتيب مركزها عن ذلك باحتساب قيمة الناتج المحلي حسب طريقة سعر الصرف الرسمي، كما تحتل إثيوبيا المركز التاسع بعد المائتين دوليا من حيث نصيب الفرد من الناتج حسب تعادل القوى الشرائية، كذلك تحتل المركز السادس والعشرين بعد المائة دوليا من حيث قيمة الصادرات السلعية. وذلك رغم ما لديها من أراضي خصبة حيث تصل نسبة الأراضي الصالحة للزراعة إلى 10 % من الأراضي، ورغم ما بها من احتياطي من الذهب إلى جانب النحاس والبلاتين والبوتاس والغاز الطبيعي والطاقة المائية. إلا أن اقتصاد إثيوبيا يعد اقتصادا زراعيا بامتياز حيث تمثل الزراعة 41 % من الناتج المحلي الإجمالي، ونسبة 85 % من أعمال السكان كما المنتجات الزراعية تمثل المكون الأكبر من الصادرات السلعية. وإثيوبيا دولة غير منتجة للبترول ورغم ذلك فإن استهلاكها البترولي محدود للغاية، حيث يصل إلى 47 ألف برميل يومي، وهو خير معبر عن أحوال إثيوبيا الاقتصادية والاجتماعية، حيث تتسبب عدة عوامل في تدني الاستهلاك البترولي منها: نسب الفقر العالية التي تصل إلى 29 % من السكان، ونسبة البطالة التي تصل إلى 25 % بين الشباب، ونسبة التضخم التي زادت عن 33 % بالعام الماضي. والنتيجة، الاعتماد بشكل كبير على المخلفات الطبيعية وقطع الأشجار كمصدر للطاقة، خاصة بالريف الإثيوبي مع تدني نسبة سكان الحضر إلى 17 % من السكان، وارتبط ذلك بعدم الاعتماد على الغاز الطبيعي كمصدر للطاقة رغم وجود احتياطي منه، بسبب تكاليف استخراجه ونقله. مؤشر آخر يعبر بوضوح عن مأزق الاقتصاد الإثيوبي يتمثل في عجزه عن تلبية احتياجات السكان السلعية مما يترتب عليه من وجود عجز تجاري مزمن، حيث بلغت قيمة الصادرات بالعام الماضي أقل من ثلاثة مليارات من الدولارات بينما تزيد قيمة الواردات عن الثمانية مليارات من الدولارات. ورغم وجود صناعات تجهيز الأغذية والمشروبات والمنسوجات والجلود والمواد الكيماوية والمعادن المعالجة والأسمنت، إلا أن غالب الصادرات تنحصر في البن والقات والذهب والمنتجات الجلدية والحيوانات الحية والبذور الزيتية، مع قدوم استثمارات أجنبية للبلاد في مجالات المنسوجات والجلود والزراعة التجارية والصناعات التحويلية. وبالطبع هناك صلة بين تدني قيمة الصادرات والاستهلاك المحلي لها، والعدد الضخم من السكان، إلى جانب موجات الجفاف المتكررة والأخطار الطبيعية المتمثلة في النشاط البركاني في وادي الصدع العظيم المعرض للزلازل، إلى جانب إزالة الغابات والإفراط في الرعي وتآكل التربة والتصحر ونقص المياه في بعض المناطق وسوء الإدارة. ورغم القرب الجغرافي النسبي لإثيوبيا من المنطقة العربية واتصال حدودها بكل من السودان وجيبوتي والصومال، إلا أن معظم تجارتها الخارجية تتجه للبلدان الأوروبية والآسيوية، حيث يشير التوزيع الجغرافي لصادراتها لتوجه 17 % من الإجمالي إلى سويسرا، و12 % لألمانيا و9 % للصين و8 % للصومال و6 % لهولندا. وتتكرر الصورة مع التوزيع النسبي لوارداتها السلعية والتي جاءت نسبة 16 % منها من الصين و9 % من السعودية و7 % من الهند، وكانت السعودية التي تمد إثيوبيا بالبترول قد عقت مؤتمرا في إثيوبيا مؤخرا لزيادة علاقتها التجارية مع الدول الإفريقية، وتسعى مصر لزيادة تجارتها واستمارتها مع إثيوبيا إلا أن الجفوة السياسية بين النظام السابق وإثيوبيا كانت حاجزا، وهو ما تحاول مصر تعويضه حاليا. وهناك علاقة وثيقة بين اتجاه التجارة السلعية الإثيوبية وبين المعونات الخارجية التي تتلقاها إثيوبيا من الدول الغربية والتي تكاد تصل قيمتها إلى ما يوازي قيمة صادراتها السلعية أو أكثر، ورغم تلك المعونات الضخمة فمازال ميزان المعاملات الجارية الإثيوبي يعاني العجز، والذي اقترب من المليار دولار خلال العام الماضي بسبب العجز التجاري الكبير. كذلك لا يتيح العجز المستمر بالموازنة الحكومية المجال للإنفاق على الاستثمارات الحكومية لتحسين الأوضاع الاجتماعية والصحية والتعليمية والتي تتمثل في انخفاض العمر المتوقع للفرد الإثيوبي والبالغ أقل من 57 عاما.