19 سبتمبر 2025

تسجيل

الجامعة العربية.. بئس الشاهد على ذبح الشعب السوري!

18 يوليو 2011

شهدت اسطنبول ـ التي كانت حاضرة الخلافة سابقا لقرون والتي قال في شأنها نابليون بونابرت: لو خيرت أن أجعل عاصمة للعالم لجعلتها اسطنبول ـ حراكا مميزا الأسبوع الماضي وهذا الأسبوع حيث تداعى العلماء والمفكرون والمدافعون عن حقوق الإنسان إلى مؤتمرين مهمين عقدا في سياق المواجهة العامة والخاصة والمشاركة الفاعلة للشعب السوري الجريح ضد الظلم والاستبداد اللذين لم يعودا خافيين على أحد في هذا العالم اللهم إلا من أراد أن يحجب الحقائق فيغطي الشمس بغربال وهو يعرف أنه مخادع منافق، أما المؤتمر الأول فكان من إعداد علماء المسلمين من السوريين وغيرهم حيث حضر وشارك العديد من الجنسيات الأخرى العربية والإسلامية نصرة لإخوانهم المظلومين في الشام، وخرج هذا المؤتمر بنتائج إيجابية بارزة أهمها التمسك بسلمية الثورة ورفض التدخل العسكري الخارجي والتأكيد على وجوب المظاهرات والنهي عن التخلف عنها إلا لعذر شرعي أو واقعي مقبول، والإهابة بالجيش السوري أن يظل حاميا لحدود الوطن من الأعداء، حيث مكانه الطبيعي لا أن يقمع الشعب الذي بناه من قوته وماله والترحيب بل الدعوة إلى أي انشقاق عنه كما فعل الضباط الأحرار، ثم أخيراً فضح الدور الخياني الذي تمارسه إيران وما يسمى حزب الله من الوقوف مع الظالم ضد المظلوم ومع الجلاد ضد الضحية حقدا وتجبرا واحتقارا لإرادة شعبنا البطل الذي ضرب ويضرب أروع الأمثلة في مقاومة العصابة الفاشية التي أذلت، ومازالت هذه الجماهير هي وحدها قوة الممانعة لبناء الذات لا من يهدمون البلاد ويقتلون العباد باسم المقاومة والممانعة (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا) "الكهف". وأما المؤتمر الثاني فهو ملتقى الإنقاذ الوطني الذي ضم أطياف شعبنا العظيم وقد تم فيه بعد تعثر نتيجة التراكمات التي لم يكن أحد متسببا في تداعياتها إلا هذا النظام الوحشي الرعيب – نعم تم في نتائجه اختيار قائمة توافقية تكون لجنة أو هيئة رسمية منتخبة من أعضاء هذا المؤتمر الذي عقد في ظروف استثنائية في دمشق واسطنبول والذي ارتكبت العصابة المجرمة إبان انعقاده في القابون بدمشق مجزرة رهيبة راح ضحيتها خمسة عشر شهيدا وجرح العديدون وهدد صاحب الصالة التي كان سيعقد فيها المؤتمر مما دعا المنظمون إلى إلغائه صونا للدماء ولكن الإباء الشامي قال لا رغم ذلك وتحدث عدد من الأعضاء من العاصمة لحاقا بأبنائهم الشهداء الذين قدموا أرواحهم وقالوا لابد للمداد أن يتبع الدماء وإن كل حر في سوريا إنما هو مشروع شهيد فشكرا جزيلا لمؤتمر الإنقاذ ممثلا برئيسه شيخ الحقوقين الرجل المجاهد السيد هيثم المالح وشكرا لمؤتمر العلماء ورابطة العلماء السوريين التي دعت المشاركين وكانت سببا مباشرا في نجاحه والحمد لله. وإذا كان من طبيعة مجريات الحياة أن الإنسان لا يكاد يهب عليه نسيم الفرح والسرور إلا ويلفحه الكدر مرة بعد مرة فإننا كنا في غاية الحزن لما سمعنا الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي لدى زيارته الرئيس السوري بشار الأسد وقيادته يعرب عن امتنانه لمقابلة هؤلاء ويصرح أنه لا يمكن لأحد أن ينزع شرعية أي رئيس، مؤيدا لبقاء بشار الذي امتدحه في دمشق وكرر لدى زيارته إلى دولة قطر مساندته للإصلاح في سوريا، مبينا أنه قرأ في صحيفة البعث السورية التنويه بذلك في عشرين موضعا، ولكنه ألمح كأن خطابه هذا هو الممكن أو هو ما يجب أن يصرح به أي للذي يفهم فحوى الكلام أنه مكلف بذلك. وعلى أي حال فما نظن أن نبيل العربي كان نبيلا في تناسي مأساة شعبنا السوري البطل الذي أصبحت أخبار ثورته ملء السمع والبصر، ولكن طبعا لم يسمع سماع إنسانيته ووعي لا كمن وصفهم القرآن أنهم يسمعون وهم لا يسمعون، وكذلك فإننا بكل يقين نشكك أن يستحق هذا الرجل وصف العروبة وما تحمله من معان عظيمة، فالعربي بطبعه ناشد للحق ثائر على الباطل ودمه الذي يجري في عروقه يأبى عليه محاسنه ومغازلة الظالم بل والثناء عليه دون أي إشارة أو تلميح وربما كان كغيره يخاف كغيره طبعا من الشخصيات بل والمؤسسات والدول التي تعرف تماماً سجل النظام السوري في الاغتيالات والتفجيرات وتصفية المعارضين أو الذين يرفضون خطاب فرعون الذي يهتف: ما علمت لكم من إله غيري.. فما نبس ببنت شفة مشاركة لجماهيرنا المقهورة ولم يأبه لهذا النهر من الدماء الذي جرى ويجري على أرض الشام المباركة، لم يحمل نبيل العربي أو قل العجمي الذي لم يفهم أي دبلوماسية في تصريحاته تلك وكان ضعيف الشخصية مهزوزاً في حديثه الذي ملأه بالتلعثمات والتأتأة حتى إنني أجزم أن أي طفل عربي متعلم لو تحدث لكان أفضل منه وليته سكت إننا نقول نبيل لأنه عندما يعوج المسؤول ولا يقف مع أشواق وتطلعات الأمة تعوج مؤسسته وهي هنا ما شاء الله جامعة الدول العربية. أقول: إن هذه الجامعة منذ تأسيسها عام 1945 قد أقرت في ميثاقها ومهماتها إضافة إلى التعاون والتنسيق بين الدول العربية على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية خاصة وكذلك التعاون لدرء العدوان، وصيانة استقلال الدول والنظر في شؤونها بما يحقق مصالحها، أقرت التعاون مع تلك البلاد بكل ما يضمن السلم الأهلي فيها، ولذا فقد صرح عمرو موسى إثر أحداث ليبيا وتعرض الشعب لجرائم ضده من قبل القذافي، وحيث أقدم على استعمال الطيران والأسلحة الثقيلة قائلاً: لن نقف مكتوفي الأيدي إزاء ما يحدث في ليبيا من انتهاكات ضد الشعب وتمت المشاورات مع مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الإفريقي لوقف الجرائم ضد هذا الشعب وسحب الأسلحة الثقيلة من المدن والمناطق والوصول إلى قرار الطلب من مجلس الأمن تحمل مسؤوليته تجاه ما يجري وأن يتم الحظر الجوي، وأن تقام أماكن آمنة للسكان وأن يتم التعاون مع المجلس الانتقالي بعد ذلك والتنسيق مع الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي، والكل يعرف أن هذا قد تم ولم ترق من الدماء الليبية العزيزة إلا القليل بالنسبة لما يجري الآن في سوريا، نعم، إن عمرو موسى صرح مؤخرا أن الجامعة قلقة لما يجري وأن بعض وزراء الخارجية العرب طلب منه اللقاء والتفاهم والتشاور في ذلك ولكن الستار أسدل بعدها حتى جاءنا هذا الأمين العام الجديد وفي أي وقت في وقت انتصار الثورة المصرية والتوقع أن مناصرة الشعوب الأخرى يجب أن تسود لا خذلانها إن الحق أبلج وإن الباطل لجلج وإن المظاهرات المليونية التي خرجت في سوريا خاصة في حماة ودير الزور حيث هب فيهما مليون متظاهر وكلهم حنق على العربي وجامعته حيث يقول الشعب كلمته ويعلن وفاة هذه الجامعة وسقوطها هو أكبر دليل أن النفاق السياسي لن ينفع صاحبه أبدا، ولعل الشاهد بالشاهد يذكر فقد نشرت صحيفة الحياة في 20/6/2011 مقالا للكاتب داود شريان ذكر فيه ما نقله موقع إيلاف عن الناشط السوري فراس تميم قال: قابلنا أحمد بن حلي نائب الأمين العام وسألناه عن دور الجامعة إزاء ما يجري، فأجاب: إن الجامعة وجدت لتسيير مصالح الحكومات لا لتلبية مطالب الشعوب، ولما سأله أحد المصريين هل أنت إنسان؟ قال: أنا إنسان خارج الجامعة لكنني هنا لست إنسانا!! أي ارتباك وأي اضطراب بل انهيار في هذه الجامعة التي لا يكون القرار فيها إلا لأمينها وهو هنا اليوم نبيل العربي فما لم يستدرك هذا الرجل الخطر الذي وقع فيه فستبقى الأمة تلاحقه بضمائرها دائما وهل يرتاح إن كان له ضمير يؤنبه أن يتعرض لمأساة ثلاثة وعشرين مليونا في سوريا، إنه بفعله هذا يسهم حقا في إسقاط الجامعة وإن الثورات العربية سوف تسقطها ما لم تنسجم مع مبادئها وتحترم عقول ومشاعر الأمة كلها، إن الكيل بمكيالين يدل دلالة واضحة أن الجامعة ما هي إلا أداة ضيقة بيد أصحاب القرار الكبار ومهما اختلفت التصريحات فهي تصب في مصالحهم أخيرا. إن نبيل العربي بتصريحاته تلك أكبر شاهد حكومي مسؤول عن ذبح الشعب السوري، وإن جامعته لتحمل خارج رحم الأمة، وإننا لنسأله أخيرا ماذا قدم الأسد الابن وأبوه حتى ينحاز إلى رأيهما لا إلى الشعب وأين رؤيته لتاريخ سوريا إن كان له رؤية، إن سوريا اليوم تعيش حالة شبه فراغ سياسي، أفيأتي نبيل ليقوي الظالم ويسد شيئا من ثغراته باسم ما يسمى الإصلاح الذي هو كمواعيد عرقوب؟ وفي نهاية المطاف إن المجازر التي عمت سوريا من قبل هذا النظام وعم خبرها في الدنيا ستكون قريبا قريبا إن شاء الله هي المحرك للنصر وليس كلام الشبيح المصري نبيل العربي الذي نطالبه بالتراجع الفوري عن تصريحاته. [email protected]