11 سبتمبر 2025

تسجيل

في مرتقى المجد

18 يونيو 2017

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تأسس مجلس التعاون الخليجي، يوم تأسس، على روابط الدين والأخوّة والقيم النبيلة التي ورّثها التاريخ لدول المنطقة وشعوبها، ولم تخل محطّات العلاقات فيما بينها عبر الحقب السابقة من تحدّيات تجاوزتها بصائر الحكماء وعقول المصلحين، ودولة قطر قد خطّت لنفسها سبيلا يمتطي حصان الكرامة والعزّة، واقفة بثبات مع المظلومين، فظلّ صوتها صدّاحا بأنّاتهم كشّافا لمظالمهم، لا تبتغي على هذا المسار جزاء ولا شكورا، ولا تروم أطماعا أو منافع، فإسماع صوت المظلوم ومساعدة المحرومين قيمة إنسانية نبيلة تعود على الإنسان بالطمأنينة والرضا، والاستناد إلى هذه القيمة لعمري أهمّ زاد للسائرين في سبيل الحق والخير والإصلاح. لقد أصْلَتَ الوشاة سيوفا أحِدّت منذ أمد لتقطيع أوصال هذه المنطقة الآمنة، فتجاوز الإخوة الأشقّاء من الجيرة كل الحدود والأعراف في ظلم قطر قائدا مفدًى أصيلًا وشعبًا أبيّا كريمًا، مختارين لهذا الصنيع الغريب زمنا مباركا هو شهر رمضان الكريم الذي ينقطع فيه الناس لكل ما يقرب إلى الله من أعمال البر والخير أو يقارب بين مؤمنين في تراحمهم وتوادَهم وتعاطفهم كالجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى سائره بالسهر والحمى، إنه شهر القرآن شهر الصوم، الذي فُرض فيه حصار على دولة قطر، يمنع الأخ من بيع الحليب لأخيه، لتبدو مائدته خالية من "سلعة" الجيرة و"بضاعة" الأقارب، ونحن -بحمد الله ومنته وفضله- لا نتحدث هنا عن "هدية " أو "إحسان" في شهر الكرم والإحسان. إن من غريب المصائب الجسام الباعثة على الحسرة، أن يلفق الأشقاء افتراءات على قطر، فيطلق الأخ العنان لصنوف الأذى والإساءة موغلا في النيل من عرض أخيه، ينسج له تهما من الخيال زورا وبهتانا في شهر رمضان الكريم، حيث يحبط الزور فضيلة الصوم. ولكن في المقابل لقطر الفخار حين سمت وتعالت وشرُفت شرفا حلّ في مرتقى النجوم مُشرفا مترفعا عن الشبهات، فقد كظمت غيظها وأهابت بألسنة شعبها أن تعفّ وتترفّع عن سفساف القول وسقَط الكلام، فقِباب حِلمها ووقارها وشرفها مضروبة محصنة عليها سدود دون عُور الكلام، فما أنبل قطر يوم بدلت القطيعة بالدعوة للصلة، وهُجر القول بطيّبه، وجهل الأشقاء بالحِلم، فأيّ الفريقين أقرب إلى الصواب: قاطعٌ مؤذٍ لجاره، أو واصل صابر محتسب؟ صورة شعب قطر النمطية معروفة مشهودة للقاصي والداني، فالإعلام المعاصر بَصّرَ الرأي العام العالمي بالرأي العام المحلي في كل بلد، وثقّف الشعوب بالشعوب، وعرّف الناس بالناس، فلا تخفى اليوم حقيقة أحد على أحد، إنه شعب أبيّ عزيز عصيّ على من يسومه الذل وهو مسالم بطبيعته أمّيّ في أبجدية الإرهاب التي تبحرت في علومها شعوب كثيرة في منطقته، لم يسجل له اشتراك أو يكتب له حضور في مشاهدها التي يجثم كابوسها المخيف ويترصد غولها المروع ويرتفع دخانها المقيت في مختلف بقاع العالم، فأرضه وقيمه لا تنبت بذرة الإرهاب الخبيثة. ولسائل أن يتساءل: ما يعيب هؤلاء على جارتهم الشقيقة قطر؟ فهل مدّت إليهم يوما يدا مؤذية أو حرّضت عليهم أجنبيا غريبا أو روجت لعدائهم في منابر دولية، صحيح أنها دولة لها قرارها الحاني على الضعفاء المنحاز للمظلومين، دأبت عبر مسيرتها الميمونة على رفع قواعد البناء والتعمير والتنمية والسعي في الخيرات ومساعدة الآخرين والتضحية في سبيل عزتهم وأمنهم. فهل ينقمون عليها إلا أنها أعانت مقاومين لمحتلي الأقصى أو كشفت فظائع عتاة ظلمة أو دعت إلى إنصاف مظلوم إحقاقا للحق، فما لكم كيف تحكمون؟ إن الأزمات يكشفن معادن الرجال، وفي الأوقات الصعبة يبرز الحكماء، ولم يكتب التاريخ أن داعية قطيعة بين الأشقاء حصد غير ما يُتوقع من ثمار الشقاق، ومن فتح نار فتنة على أخيه ارتدت على بيته بالوبال، ففي المنطقة من بذور الفتنة والشقاق ما لا يحتمل المزيد. ما أنبل شعوبا في العالم من حولنا تختلف وتأتلف، فلا تمنع "سلعة" من خبز أو حليب عمّن تختلف معه أو تضرب بسور من القطيعة دونه، فالتواصل والإبقاء على حبال الوصل ظلت سمة للنواميس التي تحكم العلاقات الدولية والصلات الإنسانية في عالمنا الحديث المتحضر، فما لم يُتوصل إليه من بناء الثقة بالحكمة والمودة لا ينتزع بالشقاق والقطيعة والحصار. فلنغلبْ منطق الحكمة ونتبعْ سبيل الرشاد فنتواصل ونتحاور على مائدة الأخوة الخليجية، ففي هذا البيت الكبير من الرجال العظماء من هو جدير بحمل لواء الصلح ورفع راية التقارب بين ذوي القربى.