11 سبتمبر 2025
تسجيلفي ذاكرة الوطن الكثير من الأسماء التي تستحق منا وقفة إكبار وإجلال وتقدير لما قدمته هذه الأسماء من جهود لخدمة هذه الأرض المباركة ورعاية الدين في المقام الأول، ولعلنا نتذكر أحد هؤلاء الرجال مع دخول " شهر رمضان المبارك " ألا وهو العلامة والفلكي خادم العلم الشيخ الجليل عبدالله بن إبراهيم الأنصاري (1914 - 1989) عليه رحمة الله . هذه الشخصية القطرية الخالدة التي أعطت الكثير لقطر وللأمة الإسلامية على مدى عقود مضت قضاها في أعمال البر والتقوى وطباعة الكتب الدينية خالصة لله وحده لخدمة الدعوة الإسلامية وتوزيعها في شتى بقاع الأرض، كما قدم مساعداته المادية والمعنوية للمسلمين في آسيا وإفريقيا وأوروبا، ومنها أفغانستان على وجه الخصوص التي كانت تعاني من جرائم الاتحاد السوفيتي في تلك المحنة الاستعمارية التي لا تنسى والتي اشتهرت باسم " الحرب السوفييتية في أفغانستان " ، تلك الحرب الضروس التي دامت (10) سنوات، كان السوفييت يسعون من خلالها إلى دعم الحكومة الأفغانية الصديقة للاتحاد السوفييتي والتي كانت تعاني من " هجمات الثوار " المعارضين للسوفييت والذين حصلوا على دعم من مجموعة من الدول المناوئة للسوفييت من ضمنها الولايات المتحدة الأمريكية وباكستان والصين وغيرها، حيث بدأت الحرب سنة 1979 وانسحبت القوات السوفييتية من البلاد بتاريخ 15 فبراير 1989 م .من هذه الخدمات للشيخ الأنصاري أيضا " التقويم القطري " الصادر لأول مرة سنة 1377 هـ / 1957 م تقريبا والذي اشتهر باسم " تقويم الأنصاري " ونال شهرة كبيرة على كافة المستويات المحلية والخارجية، وذلك بسبب دقته وضبط تواريخ الأيام والشهور والأحداث وبخاصة دخول شهر رمضان وعيد الأضحى وعيد الفطر، فقد كان الشيخ الأنصاري بمثابة الشخص العارف بأصولها ومنبتها ومواعيدها، حيث عرف عنه أنه لا يخطئ في التواريخ أبدا، حتى اشتهر التقويم الذي أصدره لأول مرة في حياته باسم " تقويم الأنصاري " ، حيث كان وما زال من التقاويم التي يشهد لها بالصحة والدقة . وما زلت أتذكر منذ صغري عبارات المديح والإطراء التي كانت تساق للشيخ الأنصاري من قبل أهل قطر وبخاصة من قبل كبار السن الذين يكنون له كل الحب والتقدير نظير خدماته الجليلة لخدمة الإسلام، ومن هذه الخدمات هذا التقويم الذي كان يثني عليه الكثيرون كذلك في العالم الإسلامي لدقته وبخاصة في اعتماد دخول أول شهر رمضان والعيدين . رحم الله شيخنا الجليل " أبو محمد "، فقد نال شهرة واسعة لم تكن في قطر فقط بل في كل البلدان والمراكز الإسلامية بدول العالم التي كانت وما زالت تدعو له بالخير على ما قدمه من عمل جليل إلى أن تقوم الساعة .ومن المواقف التي ما زالت عالقة في ذاكرتي عن الشيخ الأنصاري أنني في ثمانينيات القرن الماضي كنت في الحرم المكي لأداء العمرة، ويومها كنت صائما، وعندما حان وقت أداء صلاة المغرب، دخلت المسجد وكان أمامي الشيخ عبدالله الأنصاري – رحمه الله - مرتديا إحرام العمرة، فسلمت عليه، وبالصدفة كان قد دخل معنا من نفس الباب لأداء صلاة المغرب الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس " إمام وخطيب الحرم المكي الشريف "، فسلم علينا جميعا، وقال مخاطبا الشيخ عبدالله الأنصاري: " حيّا الله مشايخنا في قطر " ، وهذا أكبر دليل على مكانة الأنصاري في نفوس علماء الأمة . وإذا تذكرنا الشيخ عبدالله الأنصاري في هذا اليوم فلا بد من تذكر أيضا والده العالم الجليل الشيخ " إبراهيم بن عبدالله بن علي الأنصاري " أحد علماء قطر والذي اشتهر في "مدينة الخور" والذي عمل أيضا في مجال القضاء، وهو أحد علماء النهضة الدينية في قطر قبل وبعد اكتشاف النفط، وكانت وفاته سنة 1966 م تقريبا .** كلمة أخيرة :يبقى خادم العلم " الشيخ عبدالله الأنصاري " أحد أبرز أعلام قطر الذين بذلوا كل ما في وسعهم أثناء حياتهم لخدمة كتاب الله ونشر الدعوة الإسلامية ابتغاء وجه الله، ولعل " التقويم القطري " أبرز أعماله الخالدة لخدمة قطر والعالم الإسلامي .