13 سبتمبر 2025
تسجيلالسفر وتكبد المشاق في سبيل طلب العلم والبحث عن الحق هو طريق الأنبياء والمرسلين، فها هو نبي الله موسى -على نبينا وعليه الصلاة والسلام- يسافر طلبا للعلم ومرافقة للعلماء.وقد كنت منذ الصغر ولله الحمد والمنة محبا للعلم وأهله وقد كان من أهم أسباب ذلك دعاء الوالدين لي كثيرا وبخاصة في حجهم الأول والذي كان عمري فيه قرابة السنة وقد كنت باكورة أولادهم الذين أعقبوني - متعهم الله جميعا بالصحة والعافية والإيمان في الدارين.وقد كانت أولى بدايات تواصلي مع حلق العلم أن أخذني والدي إلى دروس الشيخ خالد بن درهم والتي كان يعقدها في التوحيد بجامع عمر بن الخطاب المشهور في مدينة خليفة بمدينة الدوحة – حرسها الله. وقد تفرس في الجدان وأملا في كثير، حيث كانا كثيرا ما يرغباني في طلب العلم وكان جدي يقول لي اطلب العلم واخلف الشيخ ابن محمود وجدتي كانت تقول اذهب ونفقتك علي – جزاهما الله عني بأحسن ما جزى والدا عن ولده.وكان من جراء ذلك التحاقي في باكورة عمري بمدارس الأندلس الخاصة ذات الصبغة الدينية والتي أسسها الشيخ عبدالله بن خالد آل ثاني - جزاه الله عن أجيال هذه البلاد خيرا وجعل ذلك في موازين حسناته - وقد كان مدرسوها على دين وخلق وكانوا يشجعون الطلبة على حفظ القرآن الكريم وطلب العلوم الشرعية وغيرها من العلوم النافعة.إلا أن بداية شروعي الجدية في طلب العلم كانت وأنا ابن السابعة عشرة لدى شيخنا الشيخ معجب بن درع الدوسري –حفظه الله وأمد في عمره في طاعته- في شرح كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد والذي يعرف أحيانا عند أهل العلم بالهدي للإمام ابن القيم – رحمه الله- وكانت أكثر استفادتي منه في جوانب التربية والسلوك.ثم بدأت أحضر مجالس شيخنا القاضي الشيخ عبدالقادر بن محمد العماري –شفاه الله وعافاه وأمد في عمره في مرضاته- والتي كانت تكتظ بالقضاة والعلماء وكنت أصغرهم سنا وأقلهم علما وكانت تدار في المجلس المسائل الفقهية وخاصة فقه النوازل وتحصل نقاشات علمية.ومع حضوري لتلك الدروس والمساجد كنت ألقي كلمات وخواطر ببعض المساجد وإن كنت بدأت ذلك منذ كنت في الرابعة عشرة من عمري.ومن المواقف الطريفة التي مرت بي في هذا الصدد أن خطيب الجامع المجاور لمنزلنا بالزغوة غاب ولم يكن بالمسجد من يقوم بالخطبة فانبريت لها وألقيتها مما أثار إعجاب وثناء الأهالي والجيران.بعدها تقدمت للخطابة بوزارة الأوقاف، حيث تم اختباري وبعد نجاحي تم تعييني بمنطقة تنبك عند الحميدات شمالي قطر.شققت بعدها طريقي في الخطابة بعدة مناطق كالريان ليستقر بي الأمر خطيبا دائما لجامع طارق بن زياد بمنطقة آزغو وهو الجامع الذي أخطب به الآن ولله الحمد والمنة.وعودا على حلقات العلم فقد انتقلت لطلب العلم لدى الشيخ عبد الله معتوق بمنطقة الوكرة، حيث درست عليه مجموعة من الكتب والمتون كان من بينها الأصول الثلاثة والقواعد الأربع لشيخ الإسلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي –رحمه الله- وكتاب أخصر المختصرات في الفقه. وممن قرأت عليهم في قطر فضيلة الشيخ عبد الله ولد أجدود المعروف بالعباد الشنقيطي في مقدمة ابن آجروم في علم النحو.كما التحقت ببعض الدورات الشرعية التي أقامتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ودخلت كلية الشريعة بجامعة قطر.وقد أشار علي بها الشيخ عبد الله معتوق جزاه الله خيرا ناصحا لأن أفكار الغربة لطلب العلم كانت تراودني فنصحني بالبدء بجامعة قطر قرب الديار والهل نظرا لحداثة السن وفعلا قمت بالتسجيل والالتحاق بكلية الشريعة بجامعة قطر لأقضي بها زهاء ثلاث سنين.وقد هيأ الله بحكمته وقدره سفرة علمية موفقة صحبت فيها ثلة من الأخيار كان على رأسهم الشيخ أحمد بن يوسف الملا، وكانت إلى المدينة النبوية المنورة والتي كانت بداية لتحقيق حلمي ورغبتي الجامحة في التزود من العلم الشرعي وهو حديث أدعه للحلقة القادمة إن شاء الله.