10 سبتمبر 2025
تسجيللاشك أن التوترات والصراعات السياسة التي تشهدها العراق سوف تلقي بظلالها على الوضع في الخليج ومن ثم قد تمتد إلى العالم الذي سيتأثر اقتصاده حتما نتيجة لنقص إمدادات النفط وارتفاع أسعار الوقود عالميا، خاصة أن العراق يعد ثاني أكبر عضو في منظمة الدول المنتجة للنفط (أوبك)، كما يحتل المركز الخامس عالميا من حيث حجم الاحتياطات النفطية، والتي تبلغ نحو 143 مليار برميل، في حين تبلغ احتياطات الغاز الطبيعي نحو 3.1 تريليون متر مكعب، ويحتل المركز 11 عالميا، لكن الكمية المستغلة منه سنويا لا تتجاوز مليار متر مكعب، وقد بدأت الأسعار في الصعود ووصل سعر برميل النفط إلى نحو 113 دولارا ومن المتوقع استمرار الصعود مع زيادة الصراعات الداخلية العراقية والتدخلات الدولية التي تسعى إلى المحافظة على مصادر الطاقة تحسبا من توقف الصادرات العراقية، إذا تطورت الأوضاع في العراق إلى الأسوأ، خاصة أن التوسع في إنتاج النفط العراقي هو المساهم الرئيسي في نمو إنتاج النفط العالمي، على المدى الطويل، وتأتي المخاوف من الزيادة المطردة لأسعار الوقود، كما حدث مع بداية الأزمة الاقتصادية العالمية التي بلغ فيها سعر برميل النفط 140 دولارا نتيجة للمضاربات السعرية، والتأثيرات النفسية، ولاسيَّما أن حالة الوهن التي يعاني منها الاقتصاد العالمي الذي لم يتعاف بالشكل الكافي بعد، لا تجعلة قادرا على تحمل صدمة الأسعار إذا حدثت مرة أخرى، لأن ذلك سيؤدي حتما إلى ظهور أزمة نفط عالمية إذا انخفض المخزون لأكثر من المتوقع وصاحبته زيادة في الطلب، ولاسيَّما أن سوق النفط العالمية تعاني في الوقت الحالي من توترات مؤثرة بمناطق الإنتاج خاصة في منطقة الشرق الأوسط، فالإمدادات الليبية منخفضة، ونيجيريا بها مشكلات، وكذلك اليمن، وجنوب السودان، ولذلك فإنه في حال نجاح قوات داعش في مواصلة تقدمها، فإن أغلب السيناريوهات، تشير إلى حدوث طفرة غير متوقعة في أسعار النفط، وهذا سوف يضع الاقتصاد العالمي في مهب الريح لعدم قدرته على مواجهة التداعيات غير المتوقعة، التي ستظهر آثارها على مختلف القطاعات خاصة القطاع الصناعي أكبر القطاعات التي تتأثر من أزمة الطاقة، بما يمثله من قوة وركيزة أساسية للنمو الاقتصادي، من خلال مساهمته في الناتج القومي الإجمالي، إلى جانب استقطاب آلاف القوى العاملة الوطنية الباحثة عن عمل، وقد تزامن ذلك مع قيام البنك الدولي بتخفيض توقعاته للآفاق الاقتصادية العالمية في ظل حاجة البلدان النامية ومنها الدول العربية، إلى مضاعفة الإصلاحات الداخلية، التي تساعد على انتعاش النشاط الاقتصادي، ولكن الذي قد يجعل الوضع أقل حدة من الأزمات السابقة، هو تنامي إنتاج الولايات الأمريكية من النفط، وهي أكبر مستهلك نفطي في العالم، مما يسد جزءا كبيرا من احتياجاتها النفطية، ويخفف من الضغوط على كميات المعروض، في صالح مستوى الأسعار واستقرارها، لأن الخلل في سوق النفط مرتبط أيضا بالقطاعات التجارية وأسواق المال التي يظهرها مؤشرا البورصة المتذبذبة، وما يصاحب ذلك من هروب المستثمرين إلى الأسواق الآمنة بعيدا عن التوترات، خاصة أن تطورها سوف يجر الكثير من المشاكل على بلدان الخليج ومعظم الدول العربية، مما يجعلها عاجزة عن مواجهة المتغيرات الاقتصادية والسياسية العالمية وتأثيراتها السلبية غير المتوقعة التي يمكن أن تعصف بكثير من الاقتصادات وحتى ببعض الدول، لأنه مما يزيد المخاوف من زيادة الاضطرابات الاقتصادية في المنطقة هو توجه بعض القوات وحاملات الطائرات الأمريكية للخليج العربي، لتظل سوق النفط غير مستقرة، وتلقي بسلبياتها على الاقتصاد وحركة التجارة العالمية التي ستعاني من التقلص ولو جزئيا، بعد ارتفاع أسعار الشحن والتأمين على السفن وناقلات النفط وعلى البضائع المنقولة، وما ينتج عن ذلك من ارتفاعات في الأسعار، التي سيحول عبئها إلى المستهلكين لتظل سوق النفط والأسواق المالية غير مستقرة، لحين اتضاح الرؤية بشأن الوضع الميداني في العراق.