16 سبتمبر 2025
تسجيللقد خسرت الأمة الإسلامية رجلا عظيما وقائدا محنكا له بصمات كبيرة في مجالات مختلفة، فالأمير نايف معروف بحبه للعلماء وتمسكه بالعقيدة الإسلامية وخدمته للقضايا الإسلامية، فالأمير رحمه الله كان ممن عمل جائزة السنة النبوية وهو ممن شجع خدمة التراث الإسلامي والبرامج التي تخدم نشر الدعوة الإسلامية، وكان يحتفي بالإعلاميين ويكرمهم ويشجعهم إضافة لأهل التعليم، أما أعماله الإنسانية فحدث ولا حرج. فقد عرفت عنه أنه يواسي الناس ويساعد المرضى مهما كانت جنسياتهم، فقد رأيت رجلاً أردنياً مريضاً تقدم بطلب للعلاج وجاءته موافقة سمو الأمير، وكذلك عندما كنت بالولايات المتحدة رأيت الشباب بعد زيارته للعلاج ببوسطن وقد أكرم كل واحد وصله بالعلاج والدراسة والمساعدة، وكان رجل رأيت معه طفلا يعالجه يقول بفرح لقد وافق لي الأمير نايف على علاج ابني، ولقيته مرة في الحج وهو خارج لأحدثه عن هموم المسلمين فدعا لي بخير وبتواضع ابن عبدالعزيز. ولقد حدثني ابن أخته الأمير محمد بن فيصل بن تركي بالكثير عن مناقبه وجوانبه الإنسانية، كما حدثني الكثير من العلماء عن دوره في تشجيع العمل الخيري والدفاع عن قضايا المسلمين ونصرته قضاياهم أضف لغيرته عن قضايا المسلمين خاصة قضية فلسطين وكان رئيس لجنة فلسطين أضف إلى دفاعه عن قضايا العالم الإسلامي. وأدار وزارة الداخلية بحكمة بالغة يسانده أخوه الموفق الأمير أحمد، وكان يحرص على ما فيه أمن واستقرار الدول الإسلامية، ولذا سعى لإنشاء أكاديمية الأمير نايف التي أثرت المكتبة الإسلامية والدول بالدراسات والأبحاث، لقد كان سموه يتحمل مسؤوليات كبيرة لحماية هذه البلاد المستهدفة من أعداء الأمة ومخططات معروف هدفها القضاء على هوية الأمة، فالحرب استخدمت كل الوسائل من السموم والمخدرات والإرهاب وغيره، كل هذا ساهم الأمير في الجهود للحفاظ على سلامة واستقرار هذه البلاد والدول الإسلامية من التيارات الدخيلة والأفكار المنحرفة التي تضر بهوية هذه الأمة، فهو يقلق ويحزن لما يضر بقوة ووحدة أمته فتراه يتحدث عن دعوته لوحدة الصف المسلم والائتلاف والمسامحة وحل القضايا في إطار الأخوة والمحبة، كما أن نظراته وقراءاته ثاقبة للمستقبل من خلال حديثه عن الغزو من خلال الأطباق ودخول أفكار ومناهج فكرية على الأمة والتحصن منها، وفي عهده شهدت المملكة استقراراً وأمناً وكذلك حماية من أخطار استهدفت البلاد الذي يؤمه المسلمون وهو مصدر قوة المسلمين وعزهم وأملهم. إن الأمة قد فقدت هذا الإنسان الذي لا يحب الحديث عن نفسه ولا يحب أن يتكلم عما يقدمه كعادة القادة والرجال في هذه البلاد ومنهم أخوه وسنده الأمير أحمد حفظه الله، وعندما تولى ولاية العهد بعد وفاة أخيه الفارس الأمير سلطان أثبت جدارة وسنداً لأخيه خادم الحرمين الشريفين وسعى بجهد وإخلاص نابع من عقيدته الإسلامية وروحه العروبية والأصالة في العمل الدؤوب لخدمة القضايا الإسلامية، وقد سمعته وهو يتحدث بصدق وإخلاص عن حرقته وألمه لكل دم مسلم يهرق، وقوله إنه يتمنى أن تراق هذه الدماء دفاعاً عن الأقصى لتحريره، هذا هو الهدف الأسمى لسمو الأمير على نهج أخيه الملك فيصل رحمه الله، فقضية فلسطين والقدس هي هَمْ الأمير وقضيته كمسلم عربي. إن الأمير نايف لم يكن يعرف طعم الراحة رغم ظروفه الصحية وسنه، إلا أنه يتحرك ليتحمل المسؤولية التي يريد بها وجه الله ولا يتردد في أي مجهود لجمع الشمل، كما أن سموه معروف بحلمه وحكمته وصبره وعفوه، فهو رجل دولة من الطراز الأول، فهو من بيت ملك وتربية عبدالعزيز وسعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله وسلطان، كما أن سموه لا يقبل الظلم ورأيته يدافع عن المظلومين فقد حدثني رجل أعمال عن إنصاف الأمير لهم ورفضه الظلم وعدم مناقشة الأحكام الشرعية وإعادة الحقوق لأهلها وفق الحق الشرعي، وهو يقدر الرجال وأبناء القبائل ويراعي مشاعرهم ويفتح صدره لسماع همومهم وما عندهم. ومعروف عن سموه رحمه الله الصراحة والشجاعة فهو لا يعرف المداهنة ولكنه شجاع وواضح لأنه صادق ويعرف أنه لا يمكن أن يحفظ للناس حقهم بدون المصارحة والوضوح، فهو اكتسب مواصفات القائد، وأما صلته بالرحم فهو كان باراً بأرحامه وأهله ولا يتردد أن يقوم بزيارتهم، وعندما مرضت أخته الأميرة لؤلؤة بنت عبدالعزيز لم يمنعه عمله من السفر لزيارتها، وكذلك أخوه الأمير سلطان لم ينقطع عن زيارته في الولايات المتحدة والمغرب، رحمهم الله جميعا، إن هؤلاء الرجال الذين أكرمنا الله بهم هم بقية الخير والبركة وأن أمتنا مازالت بخير فهي تحوي في أكنافها رجالا وقادة مثل نايف بن عبدالعزيز رحمه الله وأخيه المتواضع المحبوب الأمير أحمد المعروف بحب الناس له، وخلف الأمير نايف أنجالا وأبناء خيرين معروفين بالأدب والرجولة والشجاعة، فقد رباهم أحسن تربية ولا ينسى أحد مواقفهم وحسن إدارتهم لأن أباهم علمهم المسؤولية. ولا يسع الإنسان في هذا المقام إلا أن يدعو الله أن يرحم سموه ويسكنه فسيح جناته ويلهم الشعب السعودي والأمة الإسلامية الصبر والسلوان.