31 أكتوبر 2025

تسجيل

"أسطول الحرية2" والتحدي التركي

18 يونيو 2011

قبل أزيد من سنة بقليل وقعت مجزرة أسطول الحرية وتحديدا في 31 مايو أيار من العام الماضي حيث قتل تسعة متضامنين اتراك جاءوا على متن سفينة "مافي مرمرة" الى غزة في محاولة لكسر الحصار عن القطاع ما اُعتبر حينها انعطافة خطيرة في العلاقات الإسرائيلية التركية التي بدأت تنزلق من سيء إلى أسوء بعد أن تأزمت العلاقات بين البلدين على خلفية الحرب الإسرائيلية التي شُنّت على قطاع غزة نهاية العام 2008 وبداية العام 2009 وحصدت 1400 شهيد فلسطيني. وعلى خلفية التوتر التركي الإسرائيلي فقد شكلت الأمم المتحدة لجنة لتقصي الحقائق في اعتداء البحرية الإسرائيلية على المتضامنين ، وحتى الآن لم يصدر التقرر النهائي لعمل هذه اللجنة بعد أن مدد الأمين العام للأمم المتحدة عملها الأسبوع الماضي، بيد أن لجنة تيركل التي شكلتها الحكومة الإسرائيلية أقرت بشرعية الهجوم على سفينة مرمرة باعتباره جزءا من الدفاع عن النفس. منذ ذلك الحين والحكومة التركية لا تدع فرصة أو مناسبة تمرّ دون التنديد بالممارسات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في غزة ، أما على المستوى الشعبي فذاك حديث آخر ، حيث جاب اسطنبول في الذكرى الأولى لمجزرة الأسطول عشرات آلاف الأتراك ، مؤكدين على أن الدم التركي لن يذهب هدراً وأنه مصمم أكثر من أي وقت مضى على كسر الحصار المضروب على قطاع غزة . وإذا ما علمنا أن "اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة" التي سيّرت "أسطول الحرية 1" تعمل الآن على تجهيز الأسطول الثاني لينطلق في نهاية الشهر الحالي ، فإن التساؤل المطروح : هل ستكرر إسرائيل مع "أسطول الحرية 2" سيناريو ما قامت به مع "أسطول الحرية1" ؟ لا شك أن القائمين على تجهيز الأسطول الذي سسيتوجه خلال أيام إلى غزة يتابعون باهتمام ما يجري من نقاش داخل إسرائيل في الوقت الذي يتم فيه الحديث عن إجراء الجيش الإسرائيلي تدريبات على اقتحام السفن ، إلا أن ذلك لا يردعهم – على ما يبدو حتى الآن- حيث إنهم مصرون على الإبحار نحو غزة حتى لو تكررت المجزرة فما السبب الذي قد يفعهم إلى هذا التحدي ؟ لعله أمران ، الأول أن المنظمين يعتقدون أن الاحتلال يشن حرباً نفسية ليس إلا وهو يتقن هذه الحرب ويمارسها سواء مع تهديداته المتواصلة لفصائل المقاومة في غزة أو لحزب الله في لبنان . الثاني أن الاحتلال الذي ارتكب المجزرة الأولى خسر معركته في على متن "مافي مرمرة" فهو حوصر إعلاميا وسياسيا ، وبالتالي من الأجدر ألا يقدم على تكرار نفس الفعل وهو لا يزال يعيش هذه العزلة وتداعياته فضلاً عن انه يراقب عن كثب فتح مصر لمعبر رفح من ناحية ، وما ستقدم عليه السلطة الفلسطينية في سبتمبر أيلول القادم في الأمم المتحدة حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية. أما بالنسبة للجانب التركي بعد تأييد الشعب لحزب العدالة والتنمية فأظن أنه يعتبر أن القضية اليوم هي قضية تحدي ، والمرة الماضية لأم الشعب التركي الساسة الأتراك على موقفهم مما حصل على متن سفينة مرمرة .. ولعل الشعب اليوم يريد من حكومته موقفاً أكثر صلابة وتحدي ، علماً أن الاحتلال لم يفرج عن أي من سفن الأسطول باستثناء السفن التركية فقط . وبين الترقب الحذر والرغبة الملحة في الوصول إلى قطاع غزة ، يبدو أن الأسطول 2 الذي يتشكل من 15 الى 20 سفينة والذي ستنطلق معظم سفنه من اليونان وإسبانيا وتركيا وربما بعضها من دول عربية يريد أن يقول إن زمن البلطجة الإسرائيلية على اليابسة والبحر قد انتهى ، وأنه مع ربيع الثورات لم يعد العالم العربي والإسلامي كما كان ، وأن إسرائيل ربما تحتاج إلى استراتيجيات جديدة للتعاطي مع عالم عربي جديد لم يكن مألوفا لها من قبل .