18 سبتمبر 2025
تسجيليقول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) سورة البقرة لقد ابتدأت آيات الصيام بالنداء، ﴿يَا أَيُّهَا﴾ لينسجم مع جو السورة الذي كثر فيه النداء وتكرر عدة مرات. والنداءات في القرآن الكريم تسعة وثمانون نداءً في مختلف الموضوعات التي تهم وتمس الحياة بأشكالها المختلفة. وعرف العلماء أسلوب النداء بأنه أسلوب لغوي بلاغيّ في اللغة العربية يهدف منه المتكلم إلى طلب إقبال المنادى أو جذب انتباهه عن طريق مناداته باسمه أو بصفة من صفاته، أو استدعائه لأمر أو طلب ما. ومن أقوال المفسرين في ذلك أن افتتاح الخطاب بالنداء؛ للاهتمام بمضمون الخطاب. ويقولون إن إعادة النداء في أثناء الكلام تكرير للأهمية، ويقصد به تهويل الأمر، واسترعاء السمع اهتماماً بما يقال. والنداء يستدعي إقبال الأذهان على ما سيلقى من كلام للتنويه بشأن الكلام الوارد بعد النداء. وفي اختيار (يا) لنداء البعيد دلالة على أنَّ المنادى فيه من البعد (بسبب المعاصي والذنوب) عن المنادِي سبحانه، لذلك عليه أن يصغيَ لِما ينادي عليه به ليزداد بهذه الطاعة قربًا. إن هذا النداء في الدنيا يذكر بنداءات كثيرة يوم القيامة ولكثرة النداءات فيه سُمي بيوم التنادي، وقد قال مؤمن آل فرعون لقومه: (وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ)، فالله تعالى ينادي الخلق، والملائكة تناديهم أيضاً، وينادي الناس بعضهم بعضاً مما يعاينون من الأهوال، ويتنادى الخلق، فمن مستشفع، ومن متضرع، ومن مهنأ، ومن موبخ، ومن معتذر. وينادي المؤمن بعد أخذ صحيفته ويقول (هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ). وينادي الكافر بالويل، والثبور، والحسرة، ويصرخ، (يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ) وتنادي جهنم، ولها نداءات يومئذ، أين الجبارون، أين المتكبرون، وتنادي الجنة أين المشمرون في طاعة الله. نداءات كثيرة تتعالى في ذلك اليوم وكلها مرتبطة بذلك النداء الذي كان في الدنيا ومدى استجابة العباد له أو عصيانهم وإعراضهم.