10 سبتمبر 2025

تسجيل

الحوثيون وجريمة حرق اليمن

18 مايو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); رغم أن التعقيدات السياسية التي تظلل مشهد الأزمة السورية أكثر بكثير، من تلك التي تحيط بالأزمة اليمنية، إلا أن وفد (الحوثيين – صالح) أبى إلا وأن يزيدها تشاؤما وتعقيدا على الشعب اليمني والمجتمع الدولي، مرسلا رسالة مفادها أن الحرب والدمار وسفك الدماء أحب وأقرب إلينا وإليكم من حبل الوريد. مشاورات السلام المنعقدة بالكويت منذ الحادي والعشرين من الشهر الماضي ظلت تراوح مكانها رغم كل المحاولات الحثيثة التي قام بها المبعوث الأممي ولد الشيخ أحمد ومن خلفه دولة الكويت من أجل إحراز أي تقدم في الملفات العالقة بين الطرفين سوى ما طرأ مؤخرا في ملف المعتقلين والمختطفين. والسبب الذي كان معلوما ومتوقعا لدينا ولدى معظم المراقبين، حتى قبل إعلانه ورغم كل الأنباء التي كانت ترد بشكل متقطع بتقدم إيجابي تارة وسلبي تارة أخرى في سير المفاوضات، هو أن وفد الانقلابيين لم يكن منذ البداية جادا أو متحليا بروح المسؤولية التي تجعله ينظر بعين الاعتبار لما آل إليه الوضع الإنساني المأساوي لشعبه. ذلك الوضع الذي أشارت إليه الأمم المتحدة قبيل بدء هذه المفاوضات معلنة تدهوره بشدة، مع تقارير توضح أن 80% من سكان اليمن أصبحوا بحاجة ماسة إلى مساعدات، ونحو نصف الشعب اليمني تقريبا يقف على حافة المجاعة.المؤشرات السلبية التي أفضت قطعا لهذه النتيجة المحبطة للشعب اليمني الذي كان يمني النفس وينتظر بفارغ الصبر أخبارا سعيدة من الكويت كثيرة وواضحة نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر الآتي: تأخر أو تلكؤ وصول وفد (الحوثيين – صالح) للكويت، ثم البطء في إعداد الأوراق التفاوضية التي تحدد رؤيته للحل الشامل للأزمة، ثم اختراقه المتواصل لاتفاق الهدنة ووقف إطلاق النار، وأخيرا وليس آخرا إطلاق صاروخ باليستي تجاه السعودية، حصاره لتعز ومنعه لوصول المساعدات الإغاثية للمحتاجين، ثم هجومه واقتحامه للواء العمالقة. ما يحتاجه اليمن وما هو مطلوب من وفد (الحوثيين – صالح) في هذه الجولة من المفاوضات لحل الأزمة سلميا ولإنقاذها من الفشل، جلي وواضح ولايحتاج لأي نوع من أنواع التسويف والمراوغات. تحولهم لحزب سياسي وتسليمهم السلاح للدولة، والالتزام بقرارات الأمم المتحدة ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل والكف عن أي أعمال استفزازية، ثم إطلاق سراح المعتقلين دون قيد أو شرط (وليس أسرى الحرب لأن هؤلاء لهم قنوات أخرى لفك أسرهم) وسحب قواتهم من جميع المناطق التي استولوا عليها بما في ذلك العاصمة صنعاء.هذه المطالب ليست شروطا أو إذعانا أو استسلاما من قبل (الحوثيين – صالح) للطرف الآخر المفاوض لهم لو ارتضوا بها ونفذوها كما يردد حسن نصر الله ومن خلفه إعلام قنوات طهران، ولكنها مهر غالي لحقن دماء الشعب اليمني وأرضية سياسية صلبة لتأسيس دولة المستقبل، دولة القانون والمؤسسات والمساواة والعدالة والتعددية الديمقراطية التي تسع الجميع. في المقابل لم يقدم الوفد الانقلابي إلا موقفا تفاوضيا نشاذا (حسب معظم المصادر التي خرجت للإعلام)، كانت أهم ملامحه قفزهم للبند الأخير الذي يقضي بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية دون الخوض في قرار مجلس الأمن الخاص بالانسحاب من المدن وتسليم السلاح والانخراط في عملية سياسية. كما أغرقوا المفاوضات بمطالبات جانبية أخرى مثل المطالبة بمنصب رئيس الدولة في السلطة التنفيذية القادمة، وقف الغارات التي تستهدف المناطق التي تسيطر عليها القاعدة معتبرة أنها انتهاك للسيادة الوطنية! ظل المبعوث الأممي يتنقل بين المحاور محاولا الخروج من هذا المآزق التفاوضية التي وضعها أمامه وفد (الحوثيين – صالح)، إلا أنه أصيب في الأخير بالصدمة والذهول بعد عدم موافقتهم على مناقشة جدول الأعمال، ورفضهم أيضا الانخراط في النقاشات عبر اللجان التي شكلت لذلك في البداية ثم عدم التجاوب بعدها سوى لجنة ملف المعتقلين. ففي الوقت الذي ظل يردد فيه المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد لوفد (الحوثيين – صالح) أن ما يطرحونه من نقاط تجاوزته المفاوضات وأنه لا يمكن الرجوع لنقطة الصفر، كان الطرف المقابل سادرا في غيه مصرا بتعنت غير مسؤول القفز فوق المراحل وتحوير الحوار حسب أولوياته! ما قامت به المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج العربي من جانب وسلطنة عمان من جانب آخر، ومعهم المبعوث الأممي من أجل وقف معاناة شعب اليمن العظيم جهد عظيم وأخوي سوف يسجله لهم التاريخ، ويشكرون عليه أيما شكر، ولكن إزاء هذه المستجدات الطارئة تبرز على السطح أسئلة ملحة يجب أن تطرح بقوة. هل ستظل الجامعة العربية (محلك سر!) سلبية كعادتها في كل الأزمات العربية وإزاء هذه المأساة اليمنية تحديدا، تاركة الأمر برمته لتتحمله دول مجلس التعاون الخليجي لوحدها؟وهل سيظل المجتمع الدولي صامتا لا يتحمل مسؤولياته إزاء المشكل اليمني دون أي تدخل جاد ينهي هذه الصراع المرشح لمزيد من التفاقم؟ وهل سيترك الجميع اليمن ومصير شعبه المكلوم، رهنا لنزوات وتخبطات جماعة الحوثي – صالح ولتدخلات إيران العبثية بعد أن ثبت بما لا يدع إلى الشك أنهم ليسوا جادين في التوصل لحل سياسي سلمي للأزمة؟