19 سبتمبر 2025
تسجيلأي عمل عظيم إنما أصله فكرة صغيرة أو خاطرة هامشية طرأت على البال في لحظة صفاء، أو أحيانًا لحظة تفكير وانشغال واهتمام بأمر ما.. فكما أن معظم النار من مستصغر الشرر، فكذلك الأعمال العظيمة والإنجازات الكبيرة، تجدها كانت فكرة ربما لم يهتم بها أحد لفترات طويلة حتى جاء الوقت والظرف والشخص المناسب، فتحولت الفكرة أو انتقلت من عالمها الصغير إلى عالم كبير، حيث الإنجازات وروائع الأعمال. هذه حقيقة حياتية ربما معروفة لكثيرين وليس حديثنا حول كونها حقيقة حياتية أم غير ذلك، ولكن حول ذاك التجاهل الذي يحدث، سهوًا أو عمدًا، لكثير من الأفكار والخواطر الصغيرة أو الهامشية، التي لا تحتاج سوى بعض الرعاية والاهتمام.الفكرة تلد في ذهن هذا وذاك، وربما تجيء عشرات الأفكار إليك إن طلبتها يومًا ما، باعتبارك مسؤولًا وصاحب قرار في مكان ما.. الصعوبة لا تكمن في صناعة وتوليد الأفكار، إنما في كيفية تبني تلك الأفكار ورعايتها بعد ذلك، لكي يكون الناتج عملًا عظيمًا يمكن أن يكون فخرًا للجميع.كم من أفكار ضاعت وانتهت، كانت أنوية صالحة أو بذورًا طيبة، وكان يمكن أن تنتج عنها أعمال من تلك التي نطلق عليها بطولية أو وطنية أو غيرها من مسميات، فقط لو أنها وجدت الرعاية والاهتمام والتبني الصادق المخلص من أصحاب القرار وصنّاعه..لعل هذا هو الفرق بين ما يحدث اليوم في العالم المتقدم والعالم النامي أو المتأخر.. هناك في العالم المتقدم إنتاج غزير للأفكار، ترافقه متابعة للأفكار خطوة بخطوة، حتى تخرج عنها إنتاجات يفتخر، ليس أصحابها وصنّاعها بها فحسب، بل العالم كله.العكس هو الحاصل في غالبية الدول من العالم الآخر وعالمنا العربي جزء منه، حيث الكثير من الأفكار ربما تُقتلُ وهي لم تزل بعدُ في الذهن، وقبل أن يسمع بها أحد! وأحسبُ أن في مثل تلك الأجواء، لن يتجرأ الذهن بالتفكير ليتفتق عنه الأفكار، بل لن يكلِّف صاحب الذهن نفسه، عناء العمل لأجل صناعة أو توليد فكرة، طالما الرفض بالطريق، وإن لم يكن كذلك، فالتجاهل سيكون المحطة التالية، وإن لم تنته الفكرة بالتجاهل، ستنتهي حتمًا بالتهوين والتشتيت وقلة الدعم والرعاية، حتى تذبل وتختفي، ولتستمر التبعية للقوي الفاعل المنتج.. وهو ما عليه العالم اليوم، الذي ورغم ذلك، نأمل أن يتغير، وسيتغير بإذن الله.