17 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); شكل يوم 21 مايو عام 2008 محطة فاصلة في تاريخ لبنان. فهو اليوم الذي شهد توقيع اتفاق الدوحة بين القوى اللبنانية المتخاصمة، وأثمر انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعدما تعذر التوافق على اسم الرئيس، واستحكم الخلاف أكثر من 18 شهراً، متزامناً مع توترات أمنية، واحتقان طائفي. توقيع الاتفاق جاء استباقاً لوقوع لبنان في فخ حرب أهلية جديدة، بعدما توفرت بنيتها التحتية، خاصة بعدما أخطأ حزب الله وحلفائه ووجهوا سلاحهم إلى صدور اللبنانيين، وهيمنوا بالقوة على العاصمة بيروت وعدد من المناطق بذريعة حماية "المقاومة".شكل اتفاق الدوحة الذي تم الوصول إليه بجهد ورعاية ومتابعة مباشرة من سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني شكل انطلاقة جديدة للجمهورية اللبنانية. صحيح أنه لم يكن اتفاق طائف جديدا، ولم يتضمن تعديلات دستورية، لكنه أرسى آلية توافقية بين اللبنانيين، ساعدتهم على تخطي المأزق الذي كان قائماً، وانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً توافقياً للجمهورية، والاتفاق على توزيع الحصص في الحكومة التي تم تشكيلها عقب انتخاب الرئيس، والأهم أنه تضمن تعهداً من جميع الأطراف المتخاصمة بعدم العودة لاستخدام السلاح، وحصر السلطة الأمنية والعسكرية بالدولة اللبنانية. اليوم وبعد مرور 7 أعوام على توقيع اتفاق الدوحة، يعيش لبنان ظروفاً شبيهة بالظروف التي عاشها قبيل توقيع اتفاق الدوحة وأدت إليه. فسدة الرئاسة شاغرة بعد مرور 12 شهراً على انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، ومجلس النواب يكاد يدخل في "غيبوبة" بسبب عجزه عن الانعقاد كنتيجة لتعذر انتخاب رئيس الجمهورية، أما الحكومة فتسيّر أعمالها بالحد الأدنى، لتعبئة الشغور الدستوري في سدة الرئاسة، وهي باتت عديمة الفعالية.الاختلاف الوحيد بين الظروف التي أدت لتوقيع اتفاق الدوحة عام 2008 والوضع الحالي، هو أن حزب الله لم يكرر فعلته باستخدام سلاحه في الداخل اللبناني، ليس لأنه ندم على ماحصل، بل على الأرجح لأنه منشغل بالغرق في دم الشعب السوري. الشغور في المؤسسات الدستورية قد يستمر أشهراً وسنوات، وهو مرشح للتفاقم والتوسع في ظل استحكام الخلاف بين المتخاصمين، والانشغال الإقليمي والدولي بالأزمات الملتهبة، مما أفقد الشأن اللبناني الأولوية التي كان يحتلها في الماضي. هذا عدا عن وجود رغبة ضمنية من بعض القوى اللبنانية باستمرار الشغور، وعدم استقرار الأمور، لأن وجود دولة قوية لايناسبهم. فحزب الله يستغل ضعف الدولة وترهلها ليوسع من الرقعة الجغرافية التي يتدخل بها عسكرياً وسياسياً وإعلامياً، وهي شملت حتى اللحظة سوريا والعراق واليمن والبحرين. ومن يتابع مواقف حسن نصر الله حول القضايا العربية وإهماله للشأن الداخلي يظن أن الأوضاع في لبنان في أحسن أحوالها، وعجلة الدولة تسير بشكلها الطبيعي. ربما هذا هو السبب بالتحديد الذي يجب أن يدفع اللبنانيين للمطالبة باتفاق دوحة جديد، فمصائب اللبنانيين كثيرة، وهم بغنى عن استيراد مشاكل الآخرين إليه. ولو كان هناك رئيس للجمهورية ومؤسسات الدولة بعافيتها وتقوم بواجبها، لما تجرأ الآخرون على ملء الفراغ الحاصل، وتسببوا بتوريط لبنان واللبنانيين بقضايا لاعلاقة لهم بها، والإساءة للأشقاء العرب الذين طالما وقفوا إلى جانب لبنان ودعموه.