17 سبتمبر 2025
تسجيللم تعد تركيا تنتظر على أحر من الجمر التقارير الغربية ومنها الأمريكية التي تتناول الأوضاع في تركيا.ذلك أن السلطة في تركيا بقيادة حزب العدالة والتنمية الإسلامي حققت خطوات متقدمة على طريق الإصلاح والتنمية الاقتصادية والتحول إلى قوة إقليمية تحتاجها الولايات المتحدة وبالتالي بات لدى حكومة أنقرة الثقة بنفسها وبأنها في وضع قادر على مواجهة التحديات الخارجية. ومع ذلك فإن ما تحقق حتى اليوم في تركيا لا يشكل سوى جزء بسيط مما يريده مثلا الأوروبيون لكي تصبح تركيا في مصاف الدول المؤهلة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. كذلك فإن التطورات التي تعصف في المنطقة والتي أعادت المحيط الإقليمي لتركيا إلى محيط معاد، وتلك التي تعصف كذلك بالمجتمع التركي المنقسم على نفسه شقين متعادلين تجاه الوضع الإقليمي ولاسيَّما السوري، كذلك حول الخطوات اللازمة لإنتاج دستور جديد متوازن، كلها تجعل تركيا في دائرة الخطر خصوصا أنها تنتمي في مكوّناتها الاجتماعية والاتنية والمذهبية إلى العالم الإسلامي أي أن هذه المشكلات لم تجد بعد حلا لها وتهدد بالفعل وحدة البلاد والاستقرار. لذا ليس من مفر أمام الأتراك سوى أن يتابعوا ما ورد في تقرير مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية الذي صدر عن تركيا لاسيَّما أن المجلس مؤسسة بحثية مهمة ويعمل فيها رموز من السياسيين الخبراء في السياسة الخارجية مثل وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت ومستشار الأمن القومي السابق ستيفان هادلي والخبير المعروف ستيف كووك وبالتعاون مع خبراء في معهد بروكينغز. توزعت تقييمات التقرير الذي أعلن قبل أيام عن عدد كبير من الموضوعات. في التقييمات الإيجابية أن تركيا شهدت فترة تغيير كبيرة منذ العام 2002 تاريخ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة حتى اليوم وقامت بإصلاحات شاملة وواسعة. وتركيا التي نعرفها اليوم ليست تركيا التي كانت قبل خمس أو عشر أو 15 عاما. ولفت التقرير إلى أن النظام السياسي في تركيا بات يمثل أكثر القاعدة الشعبية ولاسيَّما في ظل تضاؤل دور العسكر في الحياة السياسية. ولا شك أن النجاح التركي في الاقتصاد كان عنوانا أساسيا في التقرير الذي أشار إلى أن الناتج القومي ازداد ثلاثة أضعاف خلال عشر سنوات والاقتصاد التركي بات بين العشرين اقتصادا الأُول في العالم وفي طريقه ليكون بين العشر الأوائل. وتوقف التقرير بإعجاب عند الدور الفعال الذي لعبته الدبلوماسية التركية خلال العشر سنوات الماضية.أي سياسة خارجية مؤثرة.كما أشاد التقرير بدور تركيا في الاستقرار الإقليمي ومن ذلك الوساطة بين إيران والغرب وتحول تركيا إلى بلد نموذج لدول المنطقة. وأشار التقرير إلى تقاسم النظرة نفسها بين تركيا والولايات المتحدة إلى العديد من القضايا ومنها أفغانستان وباكستان والبلقان وانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. ولكن التقرير لم يهمل الإشارة إلى مشكلات تواجهها تركيا ومن ذلك البطء في إعداد دستور جديد والمضايقات على الحريات الصحفية واعتقال الصحفيين.كذلك عدم تحقيق تقدم لحل المشكلة الكردية.وعلى الصعيد الخارجي التوتر في العلاقة مع إسرائيل.ولفتت إشارة التقرير إلى القلق في العالم الخارجي من التأثير المتزايد للإسلام السياسي في الحياة السياسية. ودعا التقرير إلى مأسسة العلاقات الجيدة بين اردوغان والرئيس الأمريكي باراك أوباما لتكون دائمة وبنّاءة. وقد وصف التقرير العلاقات بين تركيا وأمريكا بالشراكة الاستراتيجية بعدما كان وصفها أوباما في خطاب له في تركيا بعد تسلمه السلطة بـ "الشراكة النموذج". ويرى التقرير أن العلاقة التركية- الأمريكية ضرورية ليس فقط لمصالح البلدين بل كذلك يجب أن تعكس الوضع الجديد لتركيا التي تلعب دورا جديدا في الشرق الأوسط المتغير كما يجب أن تعكس هذه العلاقة النجاح التركي من زاوية اقتصادية وسياسية.ويقول التقرير إن النموذج التركي مهم لما يمكن أن تكون عليه صورة الأنظمة السياسية في الدول العربية التي قامت بها ثورات لجهة المشاركة والتوسع في الحياة السياسية والاجتماعية وتعزيز الديمقراطية والإصلاح الاقتصادي.