18 سبتمبر 2025

تسجيل

العربي.. والبيت العربي

18 مايو 2011

لابد لنا أن نسجل للحقيقة والتاريخ موقف دولة قطر القومي العربي عندما تنازلت عن مرشحها لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية وهذا الموقف أشاد به كل وزراء الخارجية العرب وأثلج صدور العرب جميعاً من المحيط إلى الخليج لأن هذا الموقف خلق توافقاً عربياً نحن بحاجة ماسة له في عصرنا الحاضر وهذا الموقف القطري ليس غريباً على مواقف قائدها حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أو قيادتها أو شعبها العربي الأصيل. أما بالنسبة لاختيار الدكتور نبيل العربي وزير خارجية مصر أميناً عاماً لجامعة الدول العربية والذي جاء بالتوافق بعد أن مهدت أمامه دولة قطر الطريق فإن هذا التوافق على هذه الشخصية يؤكد أيضاً أن ثورة 25 يناير المجيدة بدأت تأخذ طريقها نحو النصر الذي ننتظره بعد نجاح هذه الثورة ونصر هذه الثورة يأتي عندما تعود مصر إلى دورها القيادي والريادي للأمة العربية عندما يختار الشعب المصري رئيساً يحمل حلم الأمة العربية ويؤمن بالقومية العربية ويكون عربيا قبل أن يكون مصريا ويستمد شرعيته من الشعب المصري لا أن يستمدها من البيت الأبيض أو من تل أبيب ويعمل هذا الرئيس على تحرير الأرض العربية المحتلة من العدو الصهيوني أو من المحتل الأمريكي ويحرر الاقتصاد المصري من السيطرة والاحتكار الأجنبي ويبني جسور التواصل والتلاقي بين الأمة العربية أملا في وحدة أو اتحاد عربي يجعل من هذه الأمة قوة تنافس التكتلات العالمية الأخرى ويؤمن هذا الرئيس القادم بالدور الشعبي وبتداول السلطة والمشاركة الشعبية وعندها نستطيع القول إن ثورة 25 يناير انتصرت وهذا يحتاج إلى مقالات عديدة لكن كما يقال أول الغيث قطرة وهذه القطرة بنجاح هذه الثورة وانتصارها وهذا التوافق العربي على مرشح الثورة الدكتور نبيل العربي. لكن الدكتور العربي يدخل البيت العربي ليجده محطم الأبواب والنوافذ ويعلوه غبار الترهل والكسل والفساد، فالجامعة العربية ومنذ أن غابت مصر عن دورها القيادي والريادي للأمة العربية ومنذ رحيل قائد هذه الأمة جمال عبد الناصر أصبحت لا تهش ولا تنش بل أصبح وجودها عبئاً على الشعب العربي لأنها تحولت إلى بوابة لتمرير مخططات النظام الرسمي العربي العاجز والمتهالك والدكتاتوري والتابع والمتخاذل مما جعل من هذه الجامعة ديكوراً لهذه السياسات العربية وهذا أفقدها الدور العروبي الوحدوي سواء في السياسة أو الاقتصاد وحتى في الاجتماع وخلا البيت العربي من أي دور يحافظ على وحدته واستقلاله ودوره في درء الخطر عن الأمن القومي العربي. لكن ورغم كل هذه السلبيات فإن البيت العربي الذي تمثله جامعة الدول العربية لم يتم انهياره بعد ولم يسقط بعد ولا يزال هذا البيت يحمل بصيص أمل في العودة إلى ترميمه من جديد وتقوية أركانه خاصة بوصول الدكتور العربي لقيادته والعمل على إصلاحه ولا نشك في إرادة هذا الرجل لأنه لم يأت برغبة حاكم مصري أو برغبة النظام الرسمي العربي وإنما جاء من رحم ثورة شعبية فرضت نفسها على هؤلاء وهؤلاء وقالت للجميع إن مصر عادت لدورها القيادي والريادي للأمة العربية. ولأن مصر أعادتها ثورة 25 يناير إلى دورها العربي القائد والرائد ولأن العربي ابن هذه الثورة فلا نشك أبداً أن هذا الأمين العام الجديد سيعمل بكل أمانة لبعث الروح من جديد في البيت العربي. قد يقول قائل إن منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية لا يسمح للأمين أن يرسم سياسة أو يضع خطة أو ينفذ مشروعاً لأنه يمثل عدة دول عربية ورؤية هذه الدول هي التي تفرض إستراتيجية الجامعة وهذا القول به الكثير من الصحة ولكن يستطيع الأمين العام أن يؤثر في إستراتيجية وخطة وعمل هذه الجامعة لأنه يعيش في مطبخها ويعمل في داخل هذا البيت ويعرف أركانه تماماً وما هو المطلوب لكي يكون هذا البيت قوياً صامداً أمام أطماع الآخرين وتباين المواقف للدول العربية لا يمنع الأمين العام من فرض بصمته على عمل هذه الجامعة وإلا عليه أن يرفض تحمل هذه المسؤولية لأننا لا نرضى أن يكبل النظام الرسمي العربي ابن ثورة 25 يناير وعندها نخسره مرتين مرة كوزير خارجية مصر الثورة.. والأخرى كأمين عام لجامعة الدول العربية.