18 سبتمبر 2025
تسجيلفي لقاء تلفزيوني وعبر برنامج "أماسي"، طرحت المذيعة تساؤلًا عن أيام الشارقة وبخاصة في هذه الدورة، من خلال وجهة نظري.. فقلت: أولًا: عودة الطيور المهاجرة، فبعد غياب سنوات ها هو الأستاذ والمعلم يعود إلى معشوقته. أعني المسرحي الكبير ناجي الحاي عبر "أيام اللؤلؤ"، ويقدم مباراة في الأداء عبر "بدور وبدرية أحمد"، ويقدم واحدة من العروض الجميل في هذا العرس المسرحي الكبير. ثانيًا: هذه الدورة دورة تاء التأنيث. نعم، ذلك أن الفنانة بدور واحدة من أبرز القامات فوق خشبة المسرح. كانت سيدة الخشبة في أول العروض مع القدير مرعي الحليان وتألقت مع بدرية أحمد في "أيام اللؤلؤ"، كما أن سميرة الوهيبي تميزت بأدائها عبر مسرحية "كن صديقي" وسجل كلثومي.ثالثًا: ما تم طرحه من محاور وما أكثرها، وهي ذات ارتباط عضوي حقيقي بالمسرح في شمولية المسرح بكافة أطره وعناصره.رابعًا: التنوع في طرح كل ما هو مرتبط بالمسرح عبر ملتقى الشارقة لأوائل المسرح العربي، عبر الملتقى الفكري أثيرت وطرحت العديد من المحاور المهمة. وكانت للمرأة أيضًا حضورها عبر ندوة المرأة والإخراج المسرحي عبر خريطة الوطن العربي. والعديد من المحاور، وجل هذه المحاور طرحت العديد من الأسئلة وأثارت العديد من النقاشات. ففي ندوة الإذاعة وعبر إثارة نقاط يهم الملتقى أثار كل من الدكتور الماجري من تونس والقحطاني من الكويت العديد من النقاط، وانبرى الجمع في المناقشات الساخنة حتى بعد منتصف الليل بساعة.هكذا نجد أن أيام الشارقة زاخرة بكل ما يشكل نهرًا متدفقًا من الركائز التي تشكل في النهاية حلقات وصل. يضيف إلى ذاكرتنا الجمعية الشيء الكثير.العروض:1- مرثية الوتر الخامسفي إطار ما تعارف عليه مسرحيًا (بالمونودراما) ملأ النجم عبد الله مسعود الخشبة حضورًا. واستحضر المؤلف مفلح العدوان من بطون التاريخ سيرة ذلك المبدع الكبير (زرياب) الذي حمل حزنه ورحل عن بغداد واستقر في الأندلس وأسس فنونًا مختلفة، كما تخبرنا كتب التاريخ. كان زرياب أحد تلاميذ إسحاق الموصلي، ولكن لأن الغيرة والحسد جزء من كيان الإنسان فقد كان رحيل زرياب بأمر من أستاذه إسحاق. فلا يمكن أن تحوي عاصمة الدنيا بغداد الرشيد إسحاق وإبراهيم الموصلي. هناك إبراهيم بن المهدي وهناك علية بنت المهدي، ولأن زرياب قد فهم الدرس فقد حمل ذاته ورحل إلى المجهول. ولكن تحول إلى رمز في الأندلس، وإن كانت الموصل في ذاكرته، ولكن هذا كان قدره. ماذا قدم المؤلف؟ إن المؤلف يطرح إطارا مغايرًا للواقع.. فزرياب يعود إلى بغداد، ويفتح ملهًى ليليًا حتى يقدم ما يطرب الساهرين في لياليهم، ولكن الواقع بخلاف المأمول -هنا يلجأ المؤلف إلى ما يمثل فكر الآخر- فالملهى فارغ لا أحد يستطيع الاقتراب منه، وإلا فإن الموت في انتظاره. هنا يعود زرياب إلى الماضي ويستحضر ما كان من أستاذه إسحاق. لا فرق بين ظلم الماضي عبر فرد والظلم عبر الجماعة، فإطار الظلم واحد، سواء ما طرحه قوة، أحادية أو اجتمع على الظلم والطغيان جماعة، ولكن هذه المرة لم يستسلم زرياب للآخر ويعلن التحدي.عبد الله سعود.. فنان متمكن، استطاع أن يملأ المسرح حضورًا، خاصة وهو يملك تجارب مختلفة عبر عطاء منذ سنوات.في تصوري أن عناصر العرض المسرحي قد اكتملت في هذا العرض، وتم خلق إطار تكاملي مع المتلقي عبر قدرة الأداء لدى الممثل والإضاءة، والأجمل أن الديكور لم يكن جامدًا بل كان جزءًا من اللعبةن فعبر سلالم من الألمنيوم خلق عبد الله مسعود إطارا تكامليًا جميلًا، كما أن الموسيقى سواء الطبول أو الصينية التي تحمل الكؤوس وأداء الممثل بصوته لبعض الموتيفات الغنائية، خلقت حالة انسجامية رائعة. كما أن حركات عبد الله مسعود في الأداء التعبيري لم تكن مجانية، لأن الممثل هو أساس اللعبة المسرحية. قدراته الجسدية والصوتية عامل جذب للمتلقي.