19 سبتمبر 2025
تسجيليقال إن إمبراطور اليابان سُئل ذات يوم عن أسباب تقدم دولته فأجاب "بدأنا من حيث انتهى الآخرون، وتعلمنا من أخطائهم، ومنحنا المعلم حصانة الدبلوماسي وراتب الوزير". توقفتُ عند عبارة " منحنا المعلم حصانة"، فهي اختصرت وأوجزت الكثير من القيم والمعاني، لو تأملناها وسعينا لتحقيقها على أرض الواقع. والأسرة اليابانية كذلك تتولى غرس قيمة الاحترام والتقدير للمعلم في نفوس أبنائها منذ السنوات الأولى للدراسة، فهو يحظى بمكانة خاصة لديها، مما يجعله يدير الفصل الدراسي بكل يسر وسهولة بفضل مكانته وقوته وسلطته التي منحت له في تعامله مع الطلاب في كافة المراحل التعليمية.ولنا أن نطرح بعض الأسئلة وتحتاج منا إلى وقفة جادة للوقوف مع المعلم من خلال صياغة لائحة إجراءات تحقق وتكفل مكانة وهيبة المعلم، وأن تتضافر الجهود والتنسيق المشترك والفعّال بين جميع الجهات وخاصة مع وزارة الداخلية، فالمعلم هو حجر الزاوية للمنظومة التربوية التعليمية، فمن هذه الأسئلة المشروعة:هل أصبح من السهل أن يُعتدى على المعلم؟ وهل أصبح من المتعارف عليه عند بعض الطلاب — ولا نعمم — أن يُقذف المعلم بكلمات جارحة نابية مؤلمة؟ وهل أصبح المعلم الجدار الذي يتخطاه الطالب وولي الأمر؟ وهل أصبح بإمكان كل ولي أمر كلما حدثت مشكلة مع معلم رفع ضده شكوى وأُخذ إلى مركز الشرطة؟ وهل عَلمَ أولياء الأمور ما في مهنة التعليم من هم وأوجاع وتعب وقلق وضغط وحرص ومتابعة، سواء من المعلم أو من قبل الإدارة أو من الجهة المسؤولة عن التعليم؟ وهل المادية التي نعيشها اليوم تتطلب منا ألا نحترم المعلم ولا نعطيه مكانته كما كانت بالأمس؟ وهل نحتاج إلى مراجعة وإعادة مكانة المعلم في المدرسة بين الطلاب وفي المجتمع؟ وهل نستطيع منح المعلم حصانة؟ونحن هنا لا نلقي كلاما على عواهنه، بل إنه واقع نلمسه ونسمعه من الطلاب أنفسهم ومن بعض أولياء الأمور، ومن هو كذلك في قلب الحدث (المعلم نفسه) ومن الإدارة المدرسية، ومن يقل غير هذا فليحدثنا به مشكوراً. إن ما يحدث الآن من إهانة المعلم بالكلمات النابية الساقطة، أو بالتطاول عليه باليد أو بغير ذلك من أساليب الإهانة. مع أن المادية والتحضر والترف التي يعيشها أبناؤنا الطلاب والجميع يدعونا لاحترام وتقدير المعلم أي تقدير ووضعه في المكانة اللائقة به أكثر وأكبر وأفضل وأحسن. فللمعلم مكانة لا إهانة."ومضة ""سئل الإسكندر: لِمَ تُكرم معلمك فوق كرامة أبيك فقال: إن أبي سبب حياتي الفانية ومعلمي سبب حياتي الباقية"، فتأمل وتوقف عند هذه الكلمات أيها الطالب وفقك الله، ويا ولي الأمر الكريم. فالمعلم يبقى معلماً مهما كانت جنسيته.