19 سبتمبر 2025

تسجيل

نحو إستراتيجية إعلامية عربية للتعاطي مع التطرف والإرهاب

18 أبريل 2015

نظم اتحاد إذاعات الدول العربية أيام 7و8 أبريل 2015 بمقره بالعاصمة التونسية تونس ورشة دولية حول التعاطي الإعلامي مع ظاهرة التطرف والإرهاب، احتوت الورشة ثلاث جلسات وسبع أوراق علمية وعرض سبع تجارب عربية ودولية في تغطية التطرف والإرهاب، كان الهدف من الورشة هو تحديد نقاط ضعف التغطية الإعلامية العربية للتطرف والإرهاب ووضع آليات وإجراءات عملية للتعامل مع الظاهرة بحرفية ومهنية بهدف مواجهتها ومكافحتها وليس التضخيم وخدمة الإرهابيين للحصول على العلنية والوصول إلى الرأي العام. ومن أهم نقاط الضعف والنقائص التي يعاني منها الإعلام العربي في تعاطيه مع التطرف والإرهاب ما يلي: غياب سياسات تحريرية واضحة المعالم يعالج في إطارها الصحفيون القضايا الإرهابية، قلة الصحفيين المتخصصين في تغطية قضايا التطرف والإرهاب، سيطرة الطابع الإخباري على تغطية أحداث التطرف والإرهاب، هيمنة الطابع الانفعالي والاستعراضي والأيديولوجي على التغطية الإعلامية للتطرف والإرهاب، هيمنة الاعتبارات السياسية على المعايير المهنية في تغطية قضايا التطرف والإرهاب، عدم التزام البعض بالمعايير الأخلاقية في تناول قضايا الإرهاب، غياب التدريب والرسملة والتعليم المستمر لتكوين إعلاميين متخصصين في التعاطي مع قضايا التطرف والإرهاب، من الانحرافات المهنية كذلك البحث على السبق الصحفي والربح، التركيز على التضخيم والإثارة والتهويل. ما هي الإجراءات العملية لتطوير التعاطي الإعلامي مع ظاهرة التطرف والإرهاب يا ترى وما العمل؟ التعامل مع الإرهاب يتطلب متخصصين ويتطلب تدريبا وتعليما مستمرين كما يتطلب رصد التعاطي الإعلامي مع قضايا الإرهاب من أجل نقد منهجي وعملي للتعلم من الأخطاء والتجارب وتحسين وتطوير الأداء بصفة مستمرة ودائمة. ومن أهم التوصيات التي خرجت بها الورشة ما يلي: إنشاء وحدة إعلام متخصصة في التعاطي مع قضايا التطرف والإرهاب، هذه الوحدة تكون على مستوى كل هيئة إعلامية – إذاعة أو تلفزيون -تتبع إدارة الأخبار، يشرف عليها مدير الوحدة وتتكون من مجموعة من الصحفيين المتميزين والمتخصصين للتعامل مع قضايا التطرف والإرهاب والأزمات من خلال استخدام مختلف الأنواع الصحفية: أخبار، روبورتجات، تحقيقات، مقابلات، تحليلات، دراسات، أفلام وثائقية..إلخ. صحفيو هذه الوحدة يتخصصون في التعاطي مع الإرهاب من خلال العمل الميداني ومن خلال الورش التدريبية والتعليم المستمر والتكوين داخل البلاد وخارجه. كما سيوجب الأمر وضع إستراتيجية واضحة المعالم للتعامل مع قضايا التطرف والإرهاب. تسهر الإدارة العليا للهيئات الإذاعية والتلفزيونية بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة بوضع إستراتيجية واضحة المعالم تكون خارطة طريق لوحدة الإعلام المتخصصة في الإرهاب والتطرف والأزمات وكذلك باقي الصحفيين. تبنى الإستراتيجية على أسس واضحة تتعلق بتعريف الإرهاب واعتماد الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب وكذلك الآليات المختلفة التي يجب استخدامها في التعاطي مع التطرف والإرهاب والأزمات. كما أوصى اتحاد إذاعات الدول العربية بضرورة الاهتمام بالأنواع الصحفية المختلفة لتغطية قضايا الإعلام والإرهاب. لا يجب أن تقتصر تغطية التطرف والإرهاب على الأخبار فقط والتركيز على الإثارة والسبق الصحفي بل ينبغي التركيز على الأنواع الصحفية ذات البعد التحليلي والاستقصائي وهنا ينبغي على وسائل الإعلام ومن خلال وحدة الإعلام المتخصص في التطرف والإرهاب على تخصيص موازنات للإنتاج ولاستضافة خبراء ومتخصصين من مختلف مجالات العلوم لتغطية مختلف زوايا الإرهاب والتطرف. وكذلك العمل على إنتاج مضامين إعلامية تساهم في مكافحة التطرف والإرهاب (الدراما، الموسيقى، برامج الأطفال، برامج وثائقية...)، المنتج الإعلامي العربي حول التطرف والإرهاب يكاد يقتصر على الأخبار. التركيز على الأخبار لا يحقق الهدف من إعلام ملتزم ومسؤول للمساهمة في محاربة الإرهاب والقضاء عليه، هذا يعني أن المؤسسات الإعلامية مطالبة في الاستثمار في تكوين الكادر الإعلامي المتخصص وفي تخصيص موازنات معتبرة للإنتاج، التعاطي مع الإرهاب بطريقة مهنية وعملية يتطلب إنشاء وحدة رصد لدراسة التغطيات الإعلامية المختلفة لقضايا التطرف والإرهاب. هذه الوحدة تعمل بالتنسيق مع وحدة إعلام الإرهاب والتطرف والأزمات للوقوف عند نقاط القوة ونقاط الضعف وتزويد الصحفيين بالنماذج الناجحة والنماذج الفاشلة، تتكون الوحدة من باحثين متخصصين في الإعلام والاتصال ومتمرسين على الإحصاء وتحليل المضمون. على بعض المؤسسات الإعلامية العربية التخلي عن خطاب العنف والكراهية والتحريض في الخطاب الإعلامي الذي يعالج قضايا التطرف والإرهاب. عادة ما تخرج بعض المؤسسات الإعلامية عن العمل الإعلامي الحرفي والمسؤول والملتزم حيث تستخدم خطابا ولغة وأسلوبا يقوم على الكراهية والتحريض وإقصاء الآخر وغير ذلك من الأساليب التي تنم على ضعف المهنية عند الصحفي وكذلك ضعف إلمامه بموضوع التطرف والإرهاب من الناحية التاريخية والسياسية والأيديولوجية والاجتماعية والاقتصادية والدينية. وهنا يجب على المؤسسة الإعلامية أن تقوم بنقد ذاتي وباجتماعات دورية لتقييم مختلف الأعمال التي عالجت قضايا الإعلام والتطرف والأزمات. من توصيات الاتحاد كذلك إصدار مدونة سلوك وميثاق أخلاقيات يتم فيه ضبط قواعد التعامل مع الأحداث الإرهابية. ينبغي على كل مؤسسة إعلامية - إذاعة أو تلفزيون – بالتنسيق مع الصحفيين ومختصين وأكاديميين وباحثين إصدار مدونة سلوك وميثاق أخلاقيات يكون بمثابة المرجع الأساسي الذي يحدد السبل والطرق والآليات المختلفة للتعامل مع قضايا العنف والإرهاب والتطرف بمهنية ومسؤولية وفي إطار الأخلاق والقيم التي تؤمن بها المؤسسة والمجتمع. كما يجب تنظيم دورات تدريبية دورية ومستمرة لتنمية مهارات الصحفيين المتخصصين في تغطية التطرف والإرهاب والأزمات. توُكل هذه المهمة لاتحاد إذاعات الدول العربية بهدف تنظيم دورات تدريبية وورش عمل لتأهيل الصحفيين ولإمدادهم بالمهارات اللازمة للتعاطي مع قضايا التطرف والإرهاب والأزمات. ويجب التركيز هنا على التدريب للتعامل مع مختلف قضايا الإرهاب من مختلف الزوايا: المفاهيم والمصطلحات، مهارات الكتابة، الأنواع الصحفية خاصة التحقيقات والربورتاجات، البرامج الحوارية، الخبراء والمختصين، الأبعاد الأخلاقية..إلخ. ويجب التركيز هنا على تقديم عينات مختلفة لتعامل وسائل الإعلام محلية ودولية مع قضايا التطرف والإرهاب. فعلى كل مؤسسة إعلامية أن ترشح صحفيين أعضاء في وحدة الإعلام المتخصص في قضايا التطرف والإرهاب وكذلك أعضاء مرصد متابعة التغطية الإعلامية لقضايا التطرف والإرهاب، كما ينبغي متابعة المتدربين من خلال تكوينهم وتدريبهم وكذلك متابعة أعمالهم في الميدان من أجل النقد والتحليل والوقوف عند الإيجابيات والسلبيات، ينبغي تنظيم هذه الورش التدريبية بصفة مستمرة ومنظمة ودائمة على أن تنظم على أقل تقدير أربع دورات في السنة الواحدة. كما ينبغي على الهيئات الإذاعية والتلفزيونية العربية التنسيق وتبادل الخبرات والتجارب في مجال التعاطي مع قضايا التطرف والإرهاب. كما ينبغي على المؤسسات الإعلامية المنضوية تحت مظلة اتحاد إذاعات الدول العربية كذلك تأسيس جمعية لوحدات الإعلام المتخصص في التطرف والإرهاب وكذلك جمعية لوحدات رصد التغطية الإعلامية لقضايا التطرف والإرهاب بهدف الاجتماع من أجل التنسيق والتعاون وتبادل الخبرات على الأقل مرتين في السنة وتكثيف مثل هذه الاجتماعات أثناء وقوع أحداث وأعمال إرهابية. وأخيرا ضرورة إشراك الجمهور والجهات ذات الصلة، ما يعني إشراك الجمهور والمجتمع المدني من خلال البرامج المباشرة والحوارية ومن خلال المساهمة في إثراء النقاش حول التطرف والإرهاب وانعكاساته على الفرد والمؤسسة والمجتمع. فالإرهاب هو قضية الجميع ومسؤولية الجميع وهذا ما يحتم على المؤسسات الإعلامية أن تفتح حوارا صريحا وشفافا وديمقراطيا مع الجمهور. كما ينبغي سبر آراء الجمهور من حين لآخر حول تعاطي المؤسسة الإعلامية مع قضايا التطرف والإرهاب للتعرف على توجهات الرأي العام في المجتمع بخصوص الإرهاب لأن في نهاية المطاف الجمهور هو المستهلك النهائي للرسالة الإعلامية وهو المعني الأول بقضايا الإرهاب والتطرف.