19 سبتمبر 2025
تسجيلحسمت قوائم المرشحين للانتخابات البرلمانية في تركيا يوم السابع من يونيو المقبل، وانصرف الجميع منذ الآن إلى حملة انتخابية قاسية وطاحنة.المشهد لن يكون استمرارا للانتخابات التي كانت تحصل سابقا، الجميع على مفترق طرق يمكن أن يغير وجهة تركيا.بيت القصيد دائما كان حزب العدالة والتنمية، هو في السلطة منذ العام 2002 ولم يخسر أي انتخابات نيابية، ولا غير نيابية حتى الآن.غير أن الوضع اليوم لا يشبه المرحلة السابقة سواء فاز الحزب أم لا، سواء أحرز الحزب أكثرية الثلثين أو الـ 330 مقعدا، أو ما يزيد على النصف زائد واحد أي 276 صوتا من مجموع أعضاء البرلمان التركي.المعركة اليوم هي بين حزب العدالة والتنمية صاحب الأرقام القياسية في الفوز ولاسيَّما في السنوات الأخيرة وبما يزيد دائما على 40 أو 45 في المائة وبين حزب الشعوب الديمقراطي الكردي الذي لم يحرز في أي انتخابات سابقة على أكثر من 6- 7 في المائة، وهذه مفارقة.حزب العدالة والتنمية اليوم هو بقيادة أحمد داود أوغلو، لم يعد رجب طيب أردوغان رأسا للحزب ولا للحكومة، أصبح رئيسا للجمهورية، لذا فإن الانتخابات المقبلة هي انتخابات ترسيخ زعامة داود أوغلو وإثبات أنه أهل للزعامة وأنه ليس مجرد ظل لأردوغان. امتحان داود أوغلو كبير جدا وصعب خصوصا في ظل غياب قيادات بارزة عن الترشح لأن النظام الداخلي في الحزب يمنعها من الترشح أكثر من ثلاث ولايات. من بين هؤلاء الرجل القوي في الحزب بولنت أرينتش والمشرف على المسيرة الاقتصادية علي باباجان ورئيس البرلمان السابق جميل تشيتشيك وغيرهم ممن يقاربون مائة اسم.داود أوغلو يشعر أنه شبه وحيد في المعركة داخل الحزب بينما كان أردوغان، لوحده من جهة ومعه كل الرؤوس الكبيرة من جهة أخرى، يخوض كل المعارك السابقة. لذا حاول داود أوغلو أن يستعين برئيس الاستخبارات التركية حاقان فيدان ليستقيل من موقعه ويترشح عن حزب العدالة والتنمية ليكون شريكا له في إدارة البلاد لاحقا، غير أن المسعى لم ينجح.والانتخابات هي أيضا انتخابات أردوغان نفسه رغم أنه لم يعد رئيسا للحزب والحكومة، أردوغان بعدما أصبح رئيسا للجمهورية يشعر بوطأة الصلاحيات المحدودة لرئيس الجمهورية وهو تعود على أن يكون محور الحركة السياسية وصانع القرار الأول، لذا فإن أردوغان يريد تغيير النظام السياسي في تركيا لكي يكون مركز الثقل، ليس كما هو اليوم أي رئيس الحكومة، بل رئيس الجمهورية، وهذا يتطلب تعديلا دستوريا.لكن دون تعديل الدستور شروطا أولها أن يحظى التعديل بتأييد ثلثي أصوات النواب، وفي ظل افتراض أن أحزاب المعارضة الأخرى لن توافق أردوغان في هذا المسعى فيتوجب على حزب العدالة والتنمية أن ينال بمفرده الثلثين أي 367 صوتا، وإذا فشل في ذلك يمكن أن يلجأ أردوغان إلى طرح الأمر على استفتاء شعبي، لكن شرط إحالة أي مشروع لتعديل دستوري على الاستفتاء أن ينال تأييد من 330 إلى 366. وهذا يعني أن على حزب العدالة والتنمية أن يفوز في الانتخابات النيابية المقبلة بما لا يقل عن 330 نائبا.في حال فشل هذين السيناريوهين فإن التطلع إلى تعديل النظام السياسي دستوريا يصبح في عالم الأحلام إلا في حال تأييد أحزاب أخرى أيضاً له وهذا احتمال ضعيف.هنا تدور المعركة على عدد المقاعد التي سينالها حزب العدالة والتنمية، وفي هذه النقطة يأتي دور حزب الشعوب الديمقراطي الكردي المؤيد لزعيم حزب العمال الكردستاني الذي سيخوض الانتخابات هذه المرة كحزب وبالتالي عليه أن ينال على الأقل عشرة في المائة من أصوات الناخبين. فإن نالها يكون وجه ضربة كبيرة لحزب العدالة والتنمية وحرمه من إمكانية التعديل الدستوري في البرلمان وربما في استفتاء شعبي، المعركة الآن هي بين حزب العدالة والتنمية ومعه أردوغان لإقناع الناخبين بعدم التصويت للحزب الكردي ولمنعه من أن ينال عشرة في المائة ويبقى خارج البرلمان فتجيّر حينها المقاعد التي كان يمكن أن ينالها الحزب الكردي بغالبيتها لصالح حزب العدالة والتنمية الذي سيضمن تعديل الدستور حتى في البرلمان وليعود أردوغان الرجل الأول من جديد دستوريا.