11 سبتمبر 2025

تسجيل

قيود المركزي المصري.. وتأثيرها على الاقتصاد

18 مارس 2015

فرض البنك المركزي قيودا جديدة على تحركات وتعاملات الدولار في السوق المصري وارتفعت الأصوات التي تنتقد القرار، بسبب توقيت صدوره لصعوبة الحصول على الدولار من البنوك، في محاولة للضغط على البنك للتراجع عن القرار، في حين يرى البعض أن القرار تاريخي، وأن الاستقرار في سوق الصرف، سوف يبدأ من هذا التاريخ، الذي سيؤدي إلى مزيد من تحسن التصنيف الائتماني لمصر، وجذب الاستثمارات، خاصة مع انعقاد المؤتمر الاقتصادي لدعم الاقتصاد المصري، الذي يمر بأصعب لحظاته، وسط تحديات أصعب، ومافيا تحاول السيطرة على سوق الصرف، وتحقيق أرباح خيالية، مستغلة شح الموارد من النقد الأجنبي، والحاجة إلى 60 مليار دولار لتغطية الواردات والاستيراد، التي تأتي من السياحة والتصدير وقناة السويس وتحويلات العاملين بالخارج التي يتم سحبها من البنوك في شكل نقدية ويستغلها تجار العُملة، الذين يجمعون الدولارات لبيعها للشركات والمصانع لتغطية متطلبات عمليات الاستيراد الضرورية، وهذا أكبر خلل في السوق، - والذي لا نجده في أي من دول العالم – ولذلك قرر البنك المركزي وضع حد أقصى لإيداع الدولار في البنوك المصرية بقيمة 10 آلاف دولار يوميًا فقط، بحد أقصى 50 ألف دولار شهريًا، لوقف السيولة المتداولة في السوق السوداء، وإجبار المستثمرين على التعامل مع البنوك والشراء والبيع بالسعر الرسمي الذي يحدده البنك، في الوقت الذي يرى فيه محافظ البنك المركزي أن هذا القرار يصب في صالح الاقتصاد المصري، ولا علاقة له بالمؤتمر الاقتصادي، حيث سيتم توفير الدولار لجميع المستثمرين، مع تحديد الأولويات في صرف العملة الأجنبية، ولاسيَّما أن جميع التحويلات الرسمية متاحة وتخضع لرقابة الدولة، ومن ثم فهذا القرار سيقضي على السوق السوداء بشكل نهائي وسيحافظ على تداول العملة الأجنبية داخل مصر وفق ضوابط محددة، حيث إن البنوك ستقبل المبالغ الكبيرة في حالة شرائها فقط وليس للإيداع أو التحويل البنكي الخارجي، لذلك فإن المؤيدين يرون أن القرار حقق مزايا كثيرة، أهمها القضاء على السوق الموازي والسوق السوداء، الذي تسبب في وجود سعرين للدولار، بالإضافة إلى أن القرار يتبع المعايير العالمية الخاصة بغسل الأموال، الأمر الذي يرفع من درجة التصنيف الائتماني للاقتصادي المصري، مما يشجع على جذب المستثمرين، الذين لا يقبلون على العمل في سوق لديه سعران للدولار، وباعتبار أن القرار يصب في مصلحة الجميع، خاصة المصنع والمستورد، لأن توافر الدولار في البنوك لن تكون عليه مضاربة، كما يحدث في السوق السوداء. ومن هنا اعتبر الاقتصاديون أن القرار هام جدا وسيكون له تأثير قوي في تنظيم تعاملات سوق الصرف الأجنبي وإحكام السيطرة على السوق السوداء للعملة خلال الفترة المقبلة، وهذا من شأنه تكبيل يد شركات الصرافة وغيرها من الشركات التي تتعامل في السوق السوداء، حيث كانت شركات الصرافة تشتري الدولار من العملاء بأسعار أعلى من السوق الرسمي وتضعه في حساباتها داخل البنوك لحين بيعه مرة أخرى للمتعاملين مع السوق السوداء، بينما في ظل السقف الجديد للإيداع النقدي بالدولار لن يكون بمقدورها القيام بذلك لأنها لن تستطيع وضع ما تجمعه من دولارات بالأسعار غير الرسمية في حساباتها داخل البنوك وبالتالي ستعزف عن شراء العملة الأمريكية وسيضطر حائزوها من الأفراد والشركات إلى بيعها عبر القنوات الرسمية ممثلة في البنوك، كذلك لن تستطيع الشركات التي تلجأ للحصول على الدولار عبر السوق السوداء وضعه في حساباتها داخل البنوك والاستفادة به في تمويل احتياجاتها من الخارج، وبالتالي ستضطر أيضا إلى الاعتماد على البنوك في الحصول على كل احتياجاتها من العملة الصعبة، وهذا على عكس البعض الذين يرون أن قرار البنك المركزي سوف يساهم في انتشار السوق السوداء، وسوف يدفع العملاء لفتح أكثر من حساب، مما يزيد من معدل الإنفاق، لأن البنك المركزي لم يتناول في قراره لبَّ المشكلة التي تتمثل أساسا في نقص العملة الأجنبية، وكان ينبغي أن يعمل على زيادة الاحتياطي من الدولار، بدلا من وضع سقف للإيداع، حتى يتمكن المستثمر من سرعة تحويل أرباحه أو حتى رأسماله كله، في اللحظة التي يريد أن يخرج فيها من السوق، وهذا أدى إلى الشعور بالقلق من القيود التي وضعها البنك المركزي على إيداع وسحب العملة الأجنبية، مما يعتبرها البعض قيودا على الاستثمارات الأجنبية، ومن ثم لها انعكاسات سلبية على الاقتصاد.