10 سبتمبر 2025

تسجيل

نحو التكامل الصناعي بين دول مجلس التعاون الخليجي

18 مارس 2012

إن الاستثمار في الصناعة من أكثر الاستثمارات جدوى وفعالية لأي دولة من الدول، لأن الصناعة عادة تنتج موادا محسوسة وملموسة يمكن استخدامها في مختلف مناحي أعمالنا وأنشطتنا وتسد احتياجاتنا الاستهلاكية من مأكل وملبس وغيره الشيء الكثير وفوق كل ذلك فإن الصناعة المنتجة توفر لاقتصادياتنا مليارات الدولارات التي تصرف في الخارج لاستيراد العديد من السلع والمنتجات وحتى العديد من مستلزماتنا اليومية البسيطة ومما يجعل اقتصادياتنا مرتهنة إلى كل ما ينتجه الآخرون. إضافة إلى ذلك فإن الصناعة كما لعبت في الماضي دوراً محورياً في تغيير صورة العالم الاقتصادية فإنه سيبقى لها الدور الريادي في أية نهضة اقتصادية منشودة وستبقى هي المقياس الحقيقي على مدى تقدم الأمم والدول وبقدراتها التصنيعية وبمدى تطور ونمو وتوسع قاعدتها الصناعية يوما بعد يوم وبالتالي فإن التركيز والاهتمام يجب أن يكون باتجاه الاستثمار في الصناعة لأنها الأكثر جدوى وحتى لتلك الدول التي يعتمد اقتصادها بشكل أساسي على ثروتها الطبيعية فإنها بحاجة جادة وماسة إلى العمل على تنويع مصادر دخلها القومي من خلال تركيزها وتقديمها لكل وسائل الدعم وتوفير كل الإمكانات لكي توسع وتنوع مصادر دخلها الوطني. وبالتالي نرى بأنها باتت تركز جهودها لإيجاد قاعدة صناعية ترفد الوطن بمختلف احتياجاته من المنتجات المختلفة وترفد الناتج المحلي بقدرات ملموسة وحقيقية تمكن كل أجيال المستقبل من الاعتماد الحقيقي عليها ولأنها ترفد المجتمع المحلي بخبرات وتكنولوجيا وعلم الصناعة الذي فيه إضافة وتعزيز إلى معارفنا وقدراتنا الفنية والعملية المزيد من العلم والمعرفة والخبرة. واستنادا إلى كل ما تقدم فلقد نجحت دول مجلس التعاون الخليجي في إقامة العديد من الصناعات الضخمة والمتوسطة الحجم في أكثر من دولة سواء كان في القطاع العام أو الخاص مستفيدة مما لديها من ثروات نفطية ضخمة ومن عوائد مالية كبيرة خلال السنوات الماضية. ولكننا نجد العديد من هذه الصناعات متماثلة، أي متشابهة في بعض دول المجلس ومتشابه أيضاً في منتجاتها مما يجعلها تنافس بعضها البعض على ذات المستهلكين وذات الأسواق على الأغلب. وإدراكا لهذه الحقائق جميعها، فإن مجلس التعاون الخليجي وفي نظامه الأساسي قد ركز بشكل أساسي على الهدف الأساسي للمجلس وهو تحقيق التنسيق بين مختلف بلدان المجلس وتحقيق التكامل والترابط بين دوله في جميع المجالات وصولا إلى وحدتها وتوثيق الروابط بين شعوبها ووضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين الاقتصادية والتجارية والجمركية والمواصلات وفي كافة المجالات الأخرى كما ركز تركيزا كبيرا على الجانب الاقتصادي حيث أوضحت المادة الثامنة من الاتفاقية الاقتصادية للعام 2001 حيث جاء بها أن تعمل الدول الأعضاء كل جهد ممكن من أجل زيادة مساهمة قطاع الصناعة في الاقتصاد الوطني وتنسيق النشاط الصناعي بينها بشكل تكاملي، وعلى أن تقوم الدول بتوحيد التشريعات والأنظمة الصناعية فيما بينها بما في ذلك نظم تشجيع الصناعة ومكافحة الإغراق.. الخ إن التكامل في المجال الصناعي بمعنى وضع خريطة صناعية لكل دول المجلس مجتمعة ومن ثم توزيع إقامة هذه الصناعات على جميع دول المجلس بحيث يتم الأخذ بالاعتبار الاستفادة العظمى من المزايا النسبية لكل دولة يحقق التكامل الفعلي في الصناعات المقامة بين دوله وبما يعود بعظيم الفائدة على جميع دول المجلس دون منافسة أو تكرار. وبهذا يتم الاستفادة القصوى من المزايا النسبية المتواجدة في بلد عن غيره من بلدان المجلس الأخرى والحد الكبير من المنافسة فيما بين منتجات الشركات الصناعية فيما بينها وكذلك ترشيد وخفض النفقات إذا ما تم التكامل فيما بين الشركات الصناعية. وعلاوة على ذلك سيكون بالإمكان إنشاء شركات كبرى بل ضخمة تستطيع تغطية مختلف أسواق هذه البلدان بشكل كامل، خاصة إذا علمنا بأن عدد سكان دول المجلس مجتمعة يزيد على 74 مليون نسمة وتستطيع في ذات الوقت منافسة القادم من خارج بلدان المجلس وبأسعار تنافسية أيضا. وكذلك الاستفادة الكبرى من مختلف الخبرات والكفاءات المتواجدة في دول مجلس التعاون الخليجي في هذه الشركات الضخمة والكبرى التي ستنشأ في مختلف بلدان المجلس على أساس تكاملي طالما أن هناك حرية الإقامة والتنقل والعمل بين مختلف دول مجلس التعاون الخليجي. وبالتالي ستتحقق الوحدة المنشودة بكل صورها والتي ستعود بالفائدة الكبرى على جميع دول المجلس وستسير بالاتجاه الجدي والفعال لتحقيق أهداف المجلس في السير نحو التكامل الفعال وصولا إلى الوحدة الكاملة المنشودة. [email protected]