12 سبتمبر 2025
تسجيلتتزايد أعداد البطالة في العالم العربي بين الشباب، مع انخفاض أسعار النفط، وتضاؤل فرص العمل الحقيقية في الحكومة والقطاعين العام والخاص، ومعها ترتفع دقات أجراس الخطر، خاصة أن الوطن العربي يسجل أعلى معدلات البطالة في العالم، بعد أن حصل على المرتبة الأولى عالميًا بنسبة 25.1%، في مقابل المعدل العالمي الذي يبلغ 12،6 % فقط، طبقا للبيانات التي تداولت في مؤتمر دافوس الاقتصادي مؤخرا، مما يفاقم من حجم التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تتزايد في العالم العربي، لأنه إذا ظلت معدلات البطالة على مستوياتها الحالية، سيصبح لدى المنطقة العربية 149.5 مليون عاطل عن العمل من بين تعدادها السكاني الذي يتوقع أن يصل إلى 598 مليون نسمة في عام 2050. وهذا يعني أن التحديات كبيرة ومتعددة، لأن حل مشكلة البطالة يحتاج إلى العمل في عدة اتجاهات تبدأ من مخرجات التعليم المتراكمة التي تدخل سوق العمل سنويا والتي لم تقابلها فرص عمل حقيقية، مما تسبب في تفاقم الهوة بين أعداد المتعطلين وقدرة الحكومات على إيجاد فرص العمل سنويا، ومما يزيد الأمر تعقيدا هو عدم قدرة القطاع الخاص العربي أيضا على استيعاب أيد عاملة وطنية بما تمثله من أعباء خاصة على الشركات والمؤسسات الصغيرة التي ما زالت تتلقى الإعانات من الحكومات، لأن معظم مؤسسات القطاع الخاص العربي هشة وواهية، وستظل كذلك طالما ظلت تعتمد على دعم الدولة، حيث تشعر بالانتعاش بقدر ما تضخه الحكومات في المشروعات والاستثمارات الجديدة، والتي سوف تتأثر من التراجعات الحادة في أسعار النفط التي بدأت مع الربع الأخير من عام 2014، وسوف تلقي بظلالها على كل الأنشطة والقطاعات الاقتصادية في الدول المنتجة للنفط أو المصدرة للأيدي العاملة، ولاسيَّما أن تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي أكد أن 27% من الشباب الخليجي تحت سن 25 سنة عاطلون عن العمل، وهو ضعف المعدل العالمي تقريبًا، وهذا يؤثر على مستقبل الأجيال القادمة.كما أوضح التقرير أن عدد العاطلين عن العمل من الذكور قد ارتفع من 17400 عام 2013 إلى 261400 عام 2014، وكذلك بالنسبة للإناث، فقد زاد عدد النساء العاطلات عن العمل من 361400 في عام 2013 إلى 358900 في عام 2014، ومن المتوقع زيادة هذه الأعداد على الرغم من ارتفاع معدلات النمو، نظرا للاعتماد على العمالة الرخيصة من جنوب وجنوب شرق آسيا، حيث يفضل القطاع الخاص هذه النوعية من الأيدي العاملة، وكذلك نظرا لأن أغلب المواطنين لا يقبلون على العمل في القطاع الخاص ويفضلون الحصول على الوظائف الحكومية ذات المميزات والدخول المرتفعة، مقارنة بوظائف القطاع الخاص، التي أصبحت تمثل تحديا قويا لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي، مما يشكل مخاطر على مستقبل عدد المواطنين العاملين في القطاع الخاص على المدى الطويل، ولاسيَّما أن القوة العاملة في دول مجلس التعاون الخليجي قد تنمو بنسبة 3-4% سنويًّا، لذا فإنه من المتوقع دخول من 1.2 - 1.6 مليون مواطن خليجي في سوق العمل بحلول عام 2018، ولهذا فإنه يتعين إيجاد حوالي 600 ألف وظيفة في هذا القطاع للمواطنين حتى هذا التاريخ، حتى لا ترتفع معدلات البطالة بشكل أكبر، الأمر الذي أدى إلى تحذير صندوق النقد الدولي من تفاقم هذه المشكلة في السنوات القادمة، إن لم تتغيّر فلسفة الاعتماد المستمر منذ عقود طويلة على العمالة الأجنبية، وهي تحتاج إلى تعاون القطاعين العام والخاص، لتعزيز دور المؤسسات الاقتصادية الكبرى في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، حتى تتمكن من استيعاب أعداد أكبر من المواطنين الباحثين عن العمل، خاصة مع استمرار نمط التوظيف في القطاع الحكومي بالوتيرة الحالية، الذي تؤكده توقعات منظمة العمل العربية التي ترسم صورة قاتمة لآفاق التوظيف بزيادة عدد العاطلين عن العمل بنحو 11 مليونا على الأقل في السنوات الأربع المقبلة، وهي تمثل قنابل اجتماعية موقوتة تهدد أمن المجتمع، باعتبار أن البطالة هي مصدر لعدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي، كما أنه بحلول عام 2020 ستحتاج الدول العربية توفير نحو 63 مليون وظيفة، منها 28 مليون وظيفة للداخلين الجدد إلى سوق العمل و35 مليون وظيفة لخفض معدلات البطالة، لذلك علينا أن ندرك ذلك من الآن ونعمل على مواجهة هذا التحدي بأساليب عملية وعلمية متطورة.