22 سبتمبر 2025

تسجيل

الإسلاميون وجدلية السلطة

18 فبراير 2012

يتصاعد الجدل السياسي في الوطن العربي وتنقسم النخب الثقافية على نفسها، ما بين متفائلة بوصول الإسلاميين إلى السلطة في البلدان التي غزاها الربيع العربي، وما بين قلقة ومتوجسة خيفةً من أن يكون الإسلاميون بمثابة تسونامي سيحول الربيع العربي إلى شتاء إسلامي كئيب حاملاً معه موجات حادة من النكوص الاجتماعي والسياسي والفكري. والحقيقة أن اللهاث المتصاعد من مراكز الأبحاث ودوائر صنع القرار الغربي في رصد أي مؤشر أو متغير في سلوك الإسلاميين، بشقيه الإخواني والسلفي، بعد فوزهم بالانتخابات البرلمانية، وتصدرهم المرتبة الأوفر حظاً في تشكيل الحكومات القادمة يُغيب بشكل فاضح المكونات الأخرى الفاعلة في تشكيل المجتمعات السياسية. وحتى نوضح أكثر، فإن القاسم المشترك بين المراقبين للواقع السياسي في العالم العربي بعد وصول الإسلاميين للحكم، ينصب على سلوك الإسلاميين دون غيرهم، فتعود الأسئلة التقليدية لتطرح من جديد على شاكلة: هل سيحترم الإسلاميون الديمقراطية؟ هل سيقبلون بالتداول السلمي للسطة؟ ما هو مستقبل المرأة؟ وكيف سيكون عليه حال الأقليات الدينية والعرقية؟ وهل سيدمرون إسرائيل؟ وهل سيخططون لاستعداء الغرب كما حصل بإيران بعد الثورة الإسلامية عام 1979؟. ويفوت هذه الجهات المكون الأساسي في رسم وبناء المجتمع السياسي ودوره في التأثير على من يحكم ألا وهو "الشعب"، وتغييب "الشارع" عن الحسبان في استشراف الأداء السياسي المستقبلي للإسلاميين يعود سببه إلى انعدام فعالية المجتمع طيلة عقود من الديكتاتورية حتى اتسم المجتمع بالسلبية وعدم الفعالية. لكن ذلك لا يغفر للباحثين إغفاله لأن الشارع العربي لم يعد ذاك الذي كان معروفاً قبل حرق محمد بوعزيزي نفسه في تونس، بل الشارع حالياً هو الثابت الوحيد الذي يرسم ملامح المستقبل السياسي في المنطقة، والشعوب التي خبرت قدرتها على التغيير لن تعود إلى الوراء ولن تتخلى عن مكاسبها التي حققتها له الثورة. هذه الدينامية التي بدأ الشارع العربي يتمتع بها ستكون بمثابة "مقص الرقيب" أو الكونترول الذي يحمي مكتسبات ثورته فلن يسمح بتكرار الديكتاتوريات في أي صورة كانت. كما أن الإسلاميين، على ما يبدو، لا يريدون أن يكرروا أخطاء من سبقهم خوفاً من أن يلحق بهم ما لحق بأولئك، "ومن رأى ليس كمن سمع" وفقاً للمثل العربي. علاوة على ذلك فإن الحركات الإسلامية تملك اليوم فرصة ثمينة لاختبار برامجها السياسية، وهي التي عكفت تُنظّر وتؤطر لعقود حين منعت من الوصول للسلطة، كما أن سياسة القمع التي لاحقتها طيلة الفترة الماضية أعطتها وقتاً كافياً للتفكير ووفرت عليها عبء ومسؤوليات السلطة فرأت عيوب الحكم قبل أن تمارسه. تبعاً لذلك يتعين عليهم أن يطمئنوا المجتمع - إنهم يؤمنون بالديمقراطية – أياً ما كانت تسميتها- سبيلاً لبناء المجتمع. - ملتزمون بالتداول السلمي للسلطة في إطار الدستور. - إنهم ليسوا أكثر من طيف سياسي من أطياف المجتمع تبنوا خطاً سياسياً مستلهماً من الفكر الإسلامي واجتهدوا فيه فلا هم معصمون ولا هم الممثلون الحصريون للدّين، وأن غيرهم ليس بالضرورة غارقاً في الضلالة. - التخلص من الفوقية والاستعلائية التي يشعرون بها حين يتحدثون عن أفكارهم ومبادئهم مقارنة بغيرهم من الأحزاب والتيارات السياسية. أما بالنسبة للمتوجسين من وصول الإسلاميين للسلطة فنقول لهم: امنحوهم الفرصة لإثبات صحة ما ينادون به، ولا تكونوا أسرى مفاهيم، رسختها الديكتاتوريات واستساغها الغرب، في نظرتكم للإسلاميين، فوصولهم للحكم ومشاركتهم الحياة السياسية بطريقة صحيحة قد يحملهم على المرونة ويقربهم من الوسطية في الطرح والممارسة.