12 سبتمبر 2025
تسجيللنا مِنْ مَن؟ إنها من اللسان، ولماذا اللسان؟ سبحانك ما أعظم صنعك، نعمة صغيرة ولكن عطاؤه كبير وبالمقابل جرمه عظيم. فنحن في زمن أصبح اللسان ينهش في كل شيء، وفي كلام لا قيمة له لا من قريب ولا من بعيد. فهل أصبح السكوت في هذا الزمن صعباً؟!. قال الإمام الغزالي رحمه الله في إحيائه "اللسان من النِّعَم العظيمة، صغيرٌ جِرْمُه، عظيم طاعته وجُرْمه، رحب الميدان، ليس له مرد ولا لمجاله منتهى وحدّ، له في الخير مجال، وله في الشر ذيل سحب، فمن أطلق عذبة اللسان وأهمله...سلك به الشيطان في كل ميدان، وساقه إلى شفا جرف هار، إلى أن يضطره إلى البوار، ولا يكبُّ الناسَ في النار على مناخرهم إلا حصائدُ ألسنتِهم، ولا ينجو من شرِّ اللسان إلا من قيَّده بلجام الشرع، فلا يطلقه إلَّا فيما ينفعه في الدنيا والآخرة، ويكفُّه عن كل ما يخشى غائلته في عاجله وآجله". صباحنا دائماً خير وكلمة طيبة تحمل الفأل وتفتح قلوب من حولك!. "إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفّر اللسان فتقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا". ما هذه السطوة والقوة التي يمتلكها، والأعضاء الأخرى تخشاه وتخافه، وكأن اللسان له القيادة وزمام الأمور على بقية الأعضاء وهو الذي يسوقه إلى الخير أو مواطن الردى. وجاء في الأخبار "أن اللسان صبّحَ يوماً على الرأس وقال له: كيف أصبحت؟ فأجابه: أنا بخير إن سلمت منك. قال ولمَ؟ قال: لأنك تقول قولك وتختبئ، ويأتي الضرب عليّ"، سلّم لسانك حتى لا تضرب أعضاءك!. فهو يوردك المهالك ومواطن السفه والتفاهة. ولقد أدرك صُنَّاع الحياة الكبار-رحمهم الله- ما للسان من خطر على الإنسان نفسه وعلى من حوله، فأرشدوا ونصحوا ووجهوا. وصدق الشاعر: اِحفَظ لِسانَكَ أَيُّها الإِنسانُ لا يَلدَغَنَّكَ إِنَّهُ ثُعبانُ كَم في المَقابِرِ مِن قَتيلِ لِسانِهِ كانَت تَهابُ لِقاءَهُ الأَقرانُ * قال عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما كان يقال" دع ما لست منه في شيء، ولا تنطق فيما لا يعنيك، واخزن لسانك كما تخزن ورقك". * قال أبو الدرداء رضي الله عنه " أنصف أذنيك من فيك، فإنما جعل لك أذنان اثنان، وفم واحد، لتسمع أكثر مما تقول". * قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه " البلاء موكل بالقول". * قال ابن عباس رضي الله عنهما "لا تكلم فيما لا يعينك، فإنه فضل ولا آمن عليك فيه الوزر". * قال القاسم بن عثمان الجوعي رحمه الله "الحصن الحصين ضبط اللسان". * دخل عمر يوماً على أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- وهو يَجبذ لسانه. فقال عمر: مَهْ غفر الله لك، فقال له أبو بكر " إن هذا أوردني الموارد". وما أجمل الكلام الطيب إذا خرج من اللسان!. وما أجمل مراقبة اللسان وأن تزنه بميزان الشرع الحكيم!. وما أجمل أن تمسكه عن إيذاء الغير في مساحات الحياة!. كفى.. ارحم لسانك رحمك الله!. نسأل الله السلامة!. "ومضة" ومن أدرك ووعى رسائل اللسان توقف عن كل أذى وعبث وفحش!. [email protected] -