15 سبتمبر 2025
تسجيلقامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتدمير 380 مسجدا في قطاع غزة 140 مسجدا منها بشكل كلي و240 بشكل جزئي، وقد تم تدمير أغلب هذه المساجد بإلقاء الصواريخ والقنابل عليها من الجو وقد وصل وزن بعض الصواريخ الملقاة على المساجد إلى 2 طن مما أدى لتدميرها بشكل كامل. ومن بين المساجد التي دمرها الاحتلال مساجد تاريخية ومن أبرز المساجد التي تم تدميرها المسجد العمري الكبير والذي يعتبر من أقدم وأكبر مساجد غزة ويعود للعصر المملوكي ويتسع لأكثر من 2000 مصل. كذلك مسجد الأمير المملوطي شهاب الدين الظفر دمري والذي تأسس في القرن الثامن الهجري. وقد استهدف الاحتلال مسجد السيد هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم وتعود أصول بناء هذه المساجد إلى 400 عام قبل الميلاد. لقد دمر الصليبيون العديد من المساجد كما دمر البريطانيون العديد من المساجد في الهند ولكن تدمير 380 مسجدا في قطاع صغير المساحة مثل قطاع غزة هو سابقة في تاريخ الاعتداءات على المساجد خلال الحروب أو الصراعات المسلحة مما يؤكد أن عملية الاستهداف ممنهجة ونابعة عن إصرار ونية ومبيتة. إن تدمير المساجد أيضا يرتبط مع مسار الإبادة الجماعية التي اتهمت اسرائيل بها في محكمة العدل الدولية حيث جرى تدمير المساجد أيضا في الإبادة الجماعية في حرب البوسنة. ما من شك أن الاحتلال الإسرائيلي يدرك أهمية ومكانة المسجد في حياة الفلسطينيين وأنه جزء لا يتجزأ من هويتهم ففيه يقيمون صلواتهم وفيه تصنع هوية الإنسان الفلسطيني المقاتل ومنه يتخرج الحافظون والحافظات لكتاب الله وفيه يصدح بالحق وفيه يتم تعليم الصبر والثبات ورفض الظلم وكل القيم العليا، ولهذا قرر الاحتلال استهداف المساجد التي يرى أنها مصانع للقيم والإرادة. لم يكن تصادفا أن يتم اغتيال الشيخ أحمد ياسين في فجر 22 مارس 2004 وهو خارج من مسجد المجمع الإسلامي بعد صلاة الفجر حيث كان الشيخ أحمد ياسين رائد نهضة المساجد في قطاع غزة بدورها المجتمعي الشامل وليس فقط الدور العبادي الشعائري بل عمل على جعل الشباب يتعلقون بها ويتحلقون فيها لتعلم المعاني والقيم العليا والتي تنتج رجالا كالذين نراهم في ميادين القتال وجبهاته. لقد ركز الشيخ ياسين على الجيل الناشئ وحرص على تنشئته في المساجد إذ كان يدرك أن المعركة على الجيل وأن الجيل الذي تربى في المساجد لن ترهبه القوى العظمى وأسلحتها ولن تغريه أموالها ومكاسبها وبالتالي من الواضح أن بصيرة الشيخ كانت ثاقبة بالنظر إلى ما نراه اليوم من جيل قوي الإرادة حميد الأخلاق مرتبط بالهوية والقيم. ولهذا فإن الاحتلال الذي يستهدف الهوية ينتقم أيضا من خلال ضربه للمساجد وقصفه لها من هؤلاء الرجال والشباب الذين يواجهونه وينتقم من المجتمع الذي أظهر صبرا استثنائيا في وجه المجازر والإبادة الجماعية وفي وجه المأساة المستمرة. لقد تضامنت مساجد غزة مع درة تاج المساجد في فلسطين وثالث مسجد للمسلمين المسجد الأقصى فخرجت رجالا يعملون على تحريره ووضعت البوصلة من خلال طوفان الأقصى على مركز الصراع وهو الانتهاك والاحتلال للمسجد الأقصى ولهذا فإن على مساجد المسلمين في كل بقاع العالم أن تأخذ دورها وتتضامن مع مساجد غزة بما يرفع الظلم عما تبقى منها وتعيد الخشوع والقرآن لما تهدم منها. [email protected]