13 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); بعد انتظار طويل انعقد مجلس النواب المصري الجديد فجاءت تركيبته لا تحمل أملا لملايين الفقراء والمهمشين الذين زاد عددهم على الأربعين مليون شخص وأغلبهم من الشباب فقد عكس المجلس تحالفا بغيضا بين الدولة العميقة ورجال الأعمال وكبار الضباط والأحزاب والانتهازيين من النخب وعملاء الأمن في الصحافة والإعلام وهؤلاء جميعا هم من صنع الأزمة أيام الرئيس المنتخب مرسي وهم اليوم يشكلون البرلمان الجديد وأغلبهم بارك أعمال القتل التي جرت في رابعة والنهضة وصمت عن عمليات التعذيب والتنكيل بسجناء الرأي ولم يرفع صوته احتجاجا على عمليات الاختفاء القسري للنشطاء السياسيين وجرائم القتل خارج القانون والتعذيب في أماكن الاحتجاز وهؤلاء الأعضاء جميعا لم يحتجوا على من حقّر ثورة 25 يناير تحت قبة البرلمان وهي الثورة التي أدهشت العالم وهم كذلك يعتبرون الرئيس السيسي البطل المنقذ الذي لولاه لضاع الوطن وانهارت الدولة ونسوا أو تناسوا أن الشعب هو السيد وهو المعلم وهو القادر على حماية نفسه وأن الأفراد زائلون ويخطئون ويصيبون أما كيف تكوّن هذا التحالف فيوضح ذلك حازم عبد العظيم عضو الحملة الانتخابية الرئاسية للفريق عبد الفتاح السيسي الذي اعترف في رسالة قال إنها شهادة حق أن الانتخابات البرلمانية جرى الإعداد لها في مبنى المخابرات المصرية منذ فبراير 2015 وأن قائمة في حب مصر جرى إملاء أسماء أعضائها بالتليفون على سامح سيف اليزل وقام بتمويلها رجال أعمال وقد خططت الدولة العميقة لكي يصل أعضاؤها إلى نحو ثلثي الأعضاء تحت مسمى تحالف دعم مصر وبالفعل فقد تمكن التحالف من السيطرة على 380 مقعدا في أكبر برلمانات مصر عددا (596 عضوا) عندما ضمت القائمة بعد فوزها نوابا مستقلين وأحزابا وتكتلات أخرى وباختصار قال حازم عبد العظيم في شهادته التي نشرت في أكثر من صحيفة وموقع إن " الانتخابات لم تكن نزيهة " لأن الدولة لم تكن محايدة وكان الهدف الحصول على الأغلبية في البرلمان والسيطرة على لجانه والتأييد المطلق للرئيس أي أن البرلمان أريد له أن يكون حزب الرئيس وكان مخططا كذلك ألا يصل أي حزب إلى سقف ثلث الأصوات حتى لا تكون معارضة لأي تعديل دستوري متوقع كما قال إن حزب مستقبل وطن الذي قيل إنه الحصان الأسود في سباق الانتخابات ليس إلا صناعة مخابراتية وأريد له ككيان شبابي دعم الرئيس وكان اسمه جبهة مستقبل وانضم إلى ائتلاف دعم مصر رغم الشو الإعلامي لبعض أعضائه وهذه الشهادة بغض النظر عن دوافعها تكشف عن مدى فطنة الشعب المصري الذي قاطع الانتخابات كما تفضح تلك القنوات الفضائية التي وصفت العملية الانتخابية بالنزاهة وأولئك الإعلاميين الذين كالوا لها المديح.في كل العالم تنتخب الشعوب البرلمانات لتشرع القوانين وتراقب أعمال السلطة التنفيذية وتقيم توازنا بين السلطات إلا في مصر فإن برلمانها قام ليؤيد الدولة على المجتمع وينصر الحاكم على المحكوم والرئيس على الشعب متجاوزا نص المادة 101 من دستور 2014 التي أكدت على الوظيفة الرقابية للمجلس وقد دشن رئيس البرلمان أعمال البرلمان بخطاب وببرقية امتلأت بمديح ونفاق فاق التصور للرئيس والسلطة التنفيذية مما حمل أحد الكتاب على القول بأن رئيس البرلمان "سلم البرلمان كله إلى السلطة التنفيذية " وقد بدأ المجلس أعماله بتشكيل لجان ليمرر340 قانونا كانت قد صدرت في عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور والرئيس السيسي في غياب البرلمان ولا ينتظر أن تلقى نقاشا جديا فلا الوقت يسمح ولا النواب راغبون في التدقيق بحجة أن الوقت ضيق فالمادة 156 تفرض على المجلس ضرورة "عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال 15يوما من انعقاد المجلس الجديد " وبعض هذه القوانين غير دستوري إما لأنه صدر قبل إقرار الدستور وإما أنه مخالف للدستور مثل قانون التظاهر. في أول أعماله التي تشي بتأييد الدولة وإسكات الأصوات التي قد ترتفع بالنقد والمعارضة تقدمت مجموعة من النواب يتزعمها النائب مصطفى بكري الذي وصفه حازم عبد العظيم ب"ابن الدولة البار" بطلب استدعاء المستشار هشام جنينة للمثول أمام المجلس حتى يرد على ما ورد من اتهامات ضده في تقرير اللجنة التي أمر بتشكيلها الرئيس للبحث في جدية اتهاماته بأن حجم الفساد في مصر عام 2015 وصل لأكثر من ستمائة مليار جنيه وهو ما يعني توجيه اتهام مباشر للنظام الحالي ومعلوم أن الرجل معين في منصبه من أيام الرئيس محمد مرسي ويحظر الدستور إقالته باعتباره جهة رقابية مستقلة ولا تخضع لسيطرة رئاسة الجمهورية أو الحكومة لذلك تُشن ضده حملة منظمة ويُتهم بعمالته للإخوان ولا تتوقف الفضائيات الخاصة والمملوكة للدولة عن تخوينه والهجوم عليه توطئة لعزله ومحاكمته فإذا كان البرلمان ممثلا للشعب فينبغي أن يحرص في أعماله القادمة على ثروته ويراقب السلطة التنفيذية ويشرّع القوانين التي تنتصر للعدل والحرية وحقوق الإنسان لا أن يكون كل همه عمل وتشريع كل ما من شأنه إطلاق يد الدولة ورجال الأعمال فاستقرار مصر يتحقق بالديمقراطية الحقيقية وبالمصالحة المجتمعية وبتعبير البرلمان عن مصالح الشعب وبانحيازه ودعمه الكامل للشعب لا لغيره.