19 سبتمبر 2025
تسجيللم يكن سهلا على الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) أن تحل به مشاعر حزن عميقة لفقدان أحبابه، زوجته الوفية خديجة (رضي الله عنها)، ثم سنده الدنيوي عمه أبو طالب وفي وقت قصير، تبعتها مشاعر الإحباط والخذلان جراء ما كان يصيبه من أذى من مشركي وسفهاء مكة ومن بعد أن كان يأمل في إيجاد مناصرين له في الطائف، حيث رأى ما رأى من سوء استقبال لم يكن ليتوقعه. وهكذا عاش وقتا عصيبا بكل ما تحمله الكلمة، يعتصر قلبه ألم نفسي لا يتحمله إنسان.بعد كل هذا الحزن والأسى وشعور الإحباط الذي لفه (صلى الله عليه وسلم)، شأنه شأن أي إنسان، رفع يديه إلى السماء، فإن أبواب السماء لا تُغلق أبدا أمام المظلومين ولو أغلقت كل أبواب الدنيا. دعا ربه بدعوته المشهورة: "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي. حتى ختم بلا حول ولا قوة إلا بك"، وإذ بالدعم الإلهي يأتيه من فوره عبر جبريل (عليه السلام) ومعه ملك الجبال يستأذنه أن يطبق على من آذوه الجبال، فقال نبي الرحمة، رغم كل ما أصابه من قومه ومن ثقيف: "بل أرجو الله أن يُخرج من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا".دعم معنوي لا مثيل له. فمن يكون أبو جهل وعتبة وسائر كفار مكة ومثلهم ثقيف بالمقارنة مع ملك الجبال، أو عظيم الملائكة جبريل (عليه السلام)؟ إن لسان حال هذا الدعم الإلهي يريد أن يقول له (صلى الله عليه وسلم) عن ضآلة أولئك الذين أصابوه بالحزن والإحباط والخذلان، فهذا ملك الجبال ينتظر منك يا محمد إشارة ليبيدهم جميعا.لم يتوقف الدعم الإلهي عند ذاك الحد، بل تبعه سريعا دعم لم يكن لأي مخلوق ولن يكون إلى يوم الدين، رحلة الإسراء والمعراج، وتحديدا رحلة المعراج إلى سدرة المنتهى، الذي ينتهي كل شيء عندها، حيث ثبت هناك عظيم الملائكة جبريل، الذي صاحب النبي الكريم في رحلة الدعم النفسي المباركة، ووقف عند نقطة معينة لا يقدر أن يتجاوزها، فيما واصل نبينا الكريم العروج إلى ما شاء الله، كدليل على المقام الرفيع الذي وصله (صلى الله عليه وسلم).فهذا نبينا وذاك مقامه، فكيف بالذي يُذكر عنده ولا يصلي عليه؟صلى الله عليه وسلم