14 سبتمبر 2025

تسجيل

الصحافة الفرنسية وتشجيعها للعنف والتطرّف تحت ذريعة حرية الصحافة!

18 يناير 2015

في هذا العصر الذي نعيش لحظاته ومواقفه وتحركاته، حيث تفرحك ساعة وتبكيك ساعة، يزيدها سوءا اختلاط الحابل بالنابل عند تحديد المفاهيم والمصطلحات التي يجب ان تطلق بمعناها الصحيحح مع اشتراط حسن التوقيت عند اطلاقها.وما نشرته احدى الصحف الفرنسية مؤخرا من رسومات مسيئة لنبينا محمد — صلى الله عليه وسلم — اخر الانبياء، جاء بشكل مقصود، ليكرر نفس سيناريو " سلمان رشدي" وآياته الشيطانية عام 1988 م، وهي حملة اعلامية عدائية (صليبية) جديدة لا تدخل في مجال حرية الرأي والتعبير.يبقى موقف الصحافة الفرنسية من الاساءة للرسول المصطفى قضية لن يتم السكوت عنها حتى تقدم اعتذارها للمسلمين، لما بدر منها من تشويه للحقائق واساءة لرموزنا الدينية، لانها من التصرفات غير المقبولة ولا تدخل في نطاق حرية الصحافة المنشودة. مفهوم حرية التعبيرتذهب بعض المصادر الى ان:حرية الرأي والتعبير يمكن تعريفها بالحرية في التعبير عن الأفكار والآراء عن طريق الكلام أو الكتابة أو عمل فني بدون رقابة أو قيود حكومية بشرط أن لا تمثل طريقة ومضمون الأفكار أو الآراء ما يمكن اعتباره خرقاً لقوانين وأعراف الدولة أو المجموعة التي سمحت بحرية التعبير، ويصاحب حرية الرأي والتعبير على الأغلب بعض أنواع الحقوق والحدود مثل حق حرية العبادة وحرية الصحافة وحرية التظاهرات السلمية.بالنسبة لحدود حرية الرأي والتعبير فانها تعتبر من القضايا الشائكة والحساسة إذ أن الحدود التي ترسمها الدول أو المجاميع المانحة لهذه الحرية قد تتغير وفقا للظروف الأمنية والنسبة السكانية للأعراق والطوائف والديانات المختلفة التي تعيش ضمن الدولة أو المجموعة وأحيانا قد تلعب ظروف خارج نطاق الدولة أو المجموعة دورا في تغيير حدود الحريات. ** تصرف شائن للصحافة الفرنسيةيكاد يجمع اغلب النقاد والمحللين من الساسة والاعلاميين ورجال الدين ومنهم بعض رجال الكنيسة في اوروبا وامريكا بان الحملة العدائية المقصودة من قبل الصحيفة الفرنسية "شارلي ايبدو" لا تدخل في باب حرية الصحافة التي تتشدق بها هذه الصحيفة وغيرها من الصحف الغربية، بل تاتي من باب تشويه صورة الاديان والانبياء والاساءة للاسلام ورسوله الكريم اخر الانبياء بشكل متعمد بهدف الحد من تدفق المسلمين اليها، بالرغم من اننا ضد جرائم القتل، ومع استخدام الحوار والعقلانية في مثل هذه الظروف وعدم الخلط بين حرية التعبير في الصحافة وبين نشر ثقافة الكراهية التي تقوم على الحقد الدفين ضد الاسلام والمسلمين. ومن هنا فالعنف لا يولد الا العنف، كما يقولون.واعلن علماء المسلمين بالامس ضرورة إصدار قانون دولي منصف يحرم ازدراء الأديان والاساءة المتعمدة للأنبياء بعد أن اختلط الحابل بالنابل. ** تساؤلات مشروعة تستحق القراءةيطرح الكاتب "فهمي هويدي" عدة تساؤلات مهمة بهذا الشأن قائلا:ما عدنا نناقش فكرة رفض استخدام العنف أو استنكار جريمة القتل حيث أصبح ذلك أمرا مسلما به، كما أن دفاعنا عن حرية التعبير لم يعد محل شك. إلا أن ذلك لا يغلق الملف، لأن ثمة أسئلة أخرى وثيقة الصلة بالحدث تطرح نفسها على العقلاء من الجانبين، وينبغي أن يتم الاتفاق على أجوبتها.. من تلك الأسئلة ما يلي:— هل يخدم السلم والتفاهم بين الشعوب أن يقوم أي منبر إعلامي في أي عاصمة غربية بإهانة وازدراء مقدسات أكثر من مليار مسلم؟— بأي منطق يعتبر الحط من مقدسات المسلمين تعبيرا عن حرية الرأي، في حين تجرم القوانين أي نقد لإسرائيل باعتباره عداء للسامية، ولا يجرؤ باحث غربي على نقض ملف الهولوكوست، علما بأن المطاعن التي تستهدف المسلمين تجرح دينهم. والانتقادات المحظورة عند اليهود تتعلق بتاريخهم. وهي مفارقة تضفي على تاريخ اليهود قداسة تعلو فوق مقدسات المسلمين.— هل تمارس حرية الرأي بغير مسؤولية أو حدود، ولماذا يفضل البعض اختبار تلك الحرية في نقد الأديان والمقدسات، في حين يحجمون عن ذلك حين يتعلق الأمر بالأوضاع السياسية ومستقبل الأوطان؟— هل من اللياقة ومسوغات احترام الآخر أن يعاد بعد الذي جرى نشر الرسوم المهينة لنبي الإسلام. ليس في فرنسا فقط وإنما في عدد آخر من الدول. وألا يعبر ذلك عن الإصرار على استفزاز المسلمين ومكايدتهم؟— ألا يستحق الاستنكار بل والاعتذار أيضا بنفس الحماس والقوة أن يتعرض المسلمون في فرنسا لأكثر من خمسين اعتداء خلال الثماني والأربعين ساعة التي أعقبت الهجوم على المجلة المعادية للمسلمين؟ وهل يبرر الفعل رد الفعل؟— هذه اللوثة المعادية للمسلمين التي اجتاحت عواصم الغرب هل تخدم الدول الأوروبية ذاتها التي يعيش بين ظهرانيها نحو 20 مليون مسلم، صاروا مواطنين ولم يعودوا مهاجرين أو وافدين، وألا يشكل ذلك عائقا دون اندماجهم الذي يدعون إليه في تلك المجتمعات؟!. ** قطر ترفض نشر ثقافة الكراهيةوقد أعربت دولة قطر قبل ايام عن استهجانها واستنكارها لصحيفة "شارلي ايبدو" الفرنسية وبعض الصحف الاوروبية الاخرى لاعادة نشر الصور المسيئة لمقام الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام. واوضحت وزارة الخارجية في بيان لها ان حرية التعبير لا تعني الاساءة للاخرين واستفزاز مشاعرهم والتهكم على معتقداتهم ورموزهم الدينية، مؤكدة ان مثل هذه التصرفات الشائنة لا تخدم مصلحة أحد بل إن من شأنها أن تؤجج الكراهية والغضب وتمثل انتهاكاً للقيم الإنسانية ولمبادئ التعايش السلمي والتسامح والاعتدال والاحترام المتبادل بين الشعوب، ودعت الوزارة وسائل الإعلام الغربية إلى ضرورة احترام الآخر ومعتقداته والبعد عن التعصب والتطرف والالتزام بالقيم والمبادئ التي قامت عليها الحضارة الغربية. ** بابا الفاتيكان يعتبرها إهانة للمسلمينهذا وقد أعلن البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، أن حرية التعبير "حق أساسي"، لكنها لا تجيز "إهانة معتقدات الآخرين" مؤكداً أن "القتل باسم الله شذوذ، ولا يمكن استفزاز أو إهانة معتقدات الآخرين، أو التهكم عليها وكل فرد يملك ليس فقط الحرية والحق، بل أيضا الواجب في التعبير عن أفكاره للمساعدة على الصالح العام، واستخدام هذه الحرية أمر مشروع لكن من دون إهانة"، وشدد البابا على أن حرية الديانة وحرية التعبير "حقان من حقوق الإنسان الأساسية". ** كلمة أخيرة:يقول الزعيم الهندي غاندي "إن النصر الناتج عن العنف مساوٍ للهزيمة، إذ انه سريع الانقضاء".