19 سبتمبر 2025
تسجيلنمو في الإيرادات العامة والنفقات شهد الأسبوع الماضي عدة تطورات اقتصادية مهمة تستحق رصدها والتوقف عندها في عجالة. وقد تراوحت تلك التطورات ما بين إعلان وزارة المالية لتقديرات الموازنة العامة للدولة للعام 2018، وإعلان مصرف قطر المركزي عن رفع سعر الريبو على أوراق الدَّيْن العام، وإعلان وزارة التخطيط التنموي والإحصاء عن استقرار معدل التضخم في قطر خلال شهر نوفمبر عند مستوى 0.2%. وإلى جانب ذلك حققت بورصة قطر ارتفاعات مهمة في الأسبوع الماضي خرج بها المؤشر العام من مستوى القاع الذي وصل إليه في الأسابيع السابقة... فما دلالة تلك التطورات؟ وما تأثيراتها المحتملة على الاقتصاد القطري في عام 2018؟ ونتحدث أولاً عن تقديرات الموازنة العامة للدولة للعام 2018، والتي رغم ظروف الحصار الممتد لأكثر من ستة شهور، فإن التوقعات تشير إلى نمو في الإيرادات العامة والنفقات مع تراجع في العجز المالي. فقد توقعت وزارة المالية أن ترتفع الإيرادات العامة لدولة قطر خلال عام 2018 بنسبة 2.9% إلى 175.1 مليار ريال، وعزت الوزارة سبب هذا الزيادة إلى زيادة العائدات غير النفطية. على أن الوزارة أبقت السعر التقديري للنفط عند مستوى 45 دولاراً للبرميل من باب التحوط والاحتراز، وهو ما يقل بنحو 17 دولاراً للبرميل عن السعر الذي وصل إليه نفط قطر البري مؤخراً، وعليه فإن بقاء أسعار النفط عند هذه المستويات المرتفعة-وهو أمر متوقع في ظل اتفاق تمديد خفض الإنتاج الذي وقعته 26 دولة مؤخراً- أقول إن بقاء الأسعار عند هذه المستويات، من شأنه زيادة الإيرادات بأكثر مما توقعته الوزارة، وقد تزيد نسبة الزيادة عن 30%. ومن شأن زيادة مرتفعة كهذه في الإيرادات، أن يختفي العجز المتوقع بالكامل، وقد يتحول إلى فائض محدود. ومثل هذا التحول يعزز من صمود دولة قطر في مواجهة الحصار الاقتصادي المفروض عليها. ونلاحظ أن وزارة المالية قدرت نمو النفقات العامة بنسبة 2.4% لتصل إلى مستوى 203.2 مليار ريال، وهو ما سيعزز من فرص تحقيق نمو اقتصادي معقول في هذه الفترة الاستثنائية من تاريخ قطر. ومن جهة أخرى سجل معدل التضخم في قطر استقراراً عند مستوى 0.2% في شهر نوفمبر بدون تغير عما وصل إليه في شهر أكتوبر. الجدير بالذكر أن المعدل قد انخفض دون الصفر في شهري أغسطس وسبتمبر؛ أي كان سالباً. ورغم أن انخفاض المعدل بوجه عام يُعتبر ظاهرة إيجابية وفي صالح المستهلكين الذين تنخفض مخصصات إنفاقهم على المشتريات، إلا أن هذه المستويات المنخفضة جداً للمعدل تبدو ظاهرة غير صحية، لأنها تعني ضعف النمو الاقتصادي، وضعف إمكانيات توليد فرص عمل. ومن هنا فإن تحول المعدل-ولو بشكل محدود- إلى رقم إيجابي، هو ظاهرة صحية. وقد يساعد نمو الإنفاق العام مع تلاشي العجز إلى مزيد من التحسن في مستويات معدل التضخم. ومن جهة رابعة أعلن مصرف قطر المركزي يوم الخميس الماضي عن رفع سعر إعادة شراء أوراق الدين العام –الريبو- من 2.25% ليصبح 2.50%. وقد جاءت هذه الخطوة بعد أن سبقه مجلس الاحتياط الأمريكي برفع أسعار الفائدة الرئيسية على الدولار بواقع ربع نقطة مئوية لتتراوح بين 1.25 و 1.50%. الجدير بالذكر أن مصرف قطر المركزي يحرص على متابعة السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وعليه اتخاذ قرارات مماثلة تقريباً، بهدف المحافظة على استقرار سعر صرف الريال القطري المرتبط بالدولار رسمياً عند مستوى 3.64 ريال لكل دولار. وقد لوحظ أن قرار مصرف قطر المركزي لم ينسحب على كل معدلات الفائدة المقررة على الريال، واقتصر فقط على سعر الريبو. ويعود السبب في ذلك إلى أن المعدلات على الريال تزيد عن مثيلاتها على الدولار فعلياً بنحو 0.75 نقطة مئوية، وبالتالي فمن المستحسن عدم زيادتها كلها، حتى لا يؤثر ذلك سلباً على النشاط الاقتصادي، وعلى فرص تعافي البورصة القطرية.