12 سبتمبر 2025

تسجيل

بطولة كأس العالم لكرة القدم في ملعب الصراعات والحروب الثقافية

17 نوفمبر 2022

أيامٌ قليلةٌ تفصلنا عن صفارة البداية لانطلاق بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022. وهذه هي أوّل مرّة تُنظّم دولة صغيرة الحجم هذا الحدث العالمي والمرّة الأولى في تاريخ كرة القدم تُقام البطولة في دولة عربية. يأتينا هذا الحدث المنتظر في وقتٍ تزداد فيه الاضطرابات الجيوسياسية وتطال التداعيات الاقتصادية والسياسية للحرب في أوكرانيا دول العالم كافة. لقد استثمرت قطر موارد مالية ضخمة وأجرت إصلاحات كبيرة في السياسات على مدى العقد الماضي لتنظيم بطولةٍ على مستوى عالمي، مراعيةً مخاوف الأطراف المحلّيين والدوليين. لكن كما اعتدنا أن نرى في الأحداث الرياضية الدولية السابقة بهذا الحجم، تنامت بسرعة التغطية الإعلامية المثيرة للجدل حول قطر في الصحافة الغربية مع اقتراب موعد انطلاق البطولة. وتركّز بعضها على أسئلة مشروعة تتناول سجلّ البلد المضيف في حقوق الإنسان ومعاملة العمّال الوافدين الذين يشكّلون نحو 90 في المائة من سكانه. فلا بدّ من أن يأخذ صانعو السياسات في قطر هذه الآراء والانتقادات بعين الاعتبار لتعزيز المساءلة العامة ودفع الإصلاحات المستقبلية، خصوصاً أن هذه البطولة الرياضية الكبرى لن تكون الأخيرة في البلاد. لكن مع الأسف، كانت بعض التغطيات الإعلامية مُضلِّلة بشكل صارخ ومليئة بصبغات عنصرية، وهذا لا يخدم قضايا حقوق العمّال الوافدين ولا يعكس الروح الرياضية. وبالتالي، لا بدّ من المراقبين في قطر والبلدان العربية الأخرى أن يسلّموا بحقيقة أنّ أي نقاش فعّال ومجدٍ في السياسات العامة، سواء في قطر أو أي بلدٍ آخر، سيحدث في سياق عالميّ محموم بالحروب الثقافية والتضليل الإعلامي والرقمي عبر حملات مدفوعة الثمن للتأثير في الرأي العام. لكن بالنتيجة ستولّد بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 روحاً من الوحدة والفرح والاحتفالات في جميع أنحاء العالم، وفي الوقت نفسه ستسلّط الضوء على الانقسامات الحالية والاستقطاب ورُهاب الأجانب داخل المجتمعات، ولا سيما في الديمقراطيات المتقدّمة.