01 نوفمبر 2025
تسجيليصر على استحضار حماته "أم طليقته" في مخياله حتى وهو يحضر مجالس السياسة وهو يشارك بصفته الصحفية في تغطية مؤتمر الديمقراطيات الناشئة في اليمن, كان اسمها "جعدة" أو هكذا يرمز إليها عبده خال الروائي السعودي الذي نال جائزة البوكر العربية عام 2010؛ وفي سرد قصة البطل في روايته "نباح"، كانت غالب الفصول تصور رفسة أو لكمة لتلك الحماة التي مهدت بغباء لمشروع طلاق ابنتها؛ وربما كانت هي ومثيلاتها السبب في نكبات كل العالم وسياساته، كانت الرواية مزيجا من مشاعر الحب وتقلبات السياسة وظروفها في محيطنا العربي، فما بين صواريخ "سكود" وأقنعة الوقاية من كيماويات صدام أثناء حرب تحرير الكويت وعودة الإخوة اليمنيين الكثيفة إلى بلادهم بعد القرار السعودي بإلغاء الامتياز الخاص بإقامتهم وعملهم في السعودية عقُب موقف الحكومة اليمنية من احتلال الكويت، عموماً للسياسة باب واسع وللحديث عنها مجال آخر سوى أني وجدت في جعدة شخصية يجب أن يهزم حضورها في كل بيت بتعميم الثقافة الأسرية النافعة، لا أن تظل "أم المدام" مركز السيطرة والتحكم لقيادة مؤسساتنا الأسرية دائماً صوب الهزائم والفشل؛ فما قال شاعر العرب "الأم مدرسة" سوى لأنها كذلك في بناء أساسيات الأسرة ودعم صمودها كلبنة في المجتمع والأمة؛ إنما حين يصار إلى الرغبات الواسعة وغير العقلانية في علاقات الزوجين بسبب التأثير الكبير لأم الزوجة تحديداً والمفترض أن تكون هي البلسم الشافي لكل هموم بيت ابنتها فتحصنه بالمناعة ضد الهدم الناشئ بأسباب تافهة؛ فقد صار الطلاق المخرج الأقرب لكل مشكلة أو تعارض في الآراء بين الزوجين؛ ما إن يمتعض الزوج من موقف أو يرفض أي طلب حتى مجرد الذهاب للعشاء في مطعم أو شراء مستلزم ثانوي للبيت دون تلك المشاكل الكبرى التي تخل ببناء الأسرة كسلوك الزوجين أو أخلاقهما، أعتقد أن أم الزوجة هي خط الدفاع الأول الذي يجب أن يُحصن الأسرة الناشئة من هموم الحياة ومعتركاتها؛ فقد زاد الطلاق في مجتمعاتنا العربية بنسب مخيفة؛ ناهيك عن حجم القضايا الأسرية المتنوعة المعروضة أمام المحاكم ويستعصي حلها غالباً بسبب تعنت أطراف الأسر والمبالغة في فرض رغباتها وفرض الطلاق كأهون الحلول وأسرعها حتى غصت مجتمعاتنا بتلك الحالات الموجعة والتي تستلزم تحليلاً دقيقاً لمعالجة مسبباتها، مرة أخرى أعتقد أن التدخل السلبي من كلا طرفي الزوجين إضافة إلى ظروف المعيشة وتوسع احتياجاتها في مقابل إمكانيات محدودة بل حتى أم الزوج يكون لها غالباً تدخلات غير محمودة على مسير الأسر الناشئة لأبنائهما، أعود إلى رواية "نباح" لعبده خال وسردها الموجع لحال السياسة العربية حيال بناء التنمية الشاملة بين دولها وتلك المؤتمرات الصورية التي تعج منابرها بالمتحدثين والكلمات المطولة وكاميرات التصوير ورجال الإعلام المفلسين دون أن تقدم المعالجات الناجعة لهموم العامة, لا أعرف لماذا حشر عبده خال الديمقراطيات الناشئة في فصول روايته تلك وراح يكيل السباب لنماذج الديمقراطيات العربية الصورية ويعريها على لسان بطل روايته الصحفي المحبط بسبب حماته "جعدة"، فمسائيات المؤتمرات مليئة بصور الليل وأنغامه؛ فكأنه يؤكد أن مجمل حواراتنا ومؤتمراتنا ومعالجاتنا لهمومنا الأسرية والقومية هو مجرد نباح.