16 سبتمبر 2025
تسجيلفي ظل التطورات والمتغيرات التي يشهدها العالم وبالأخص العالم العربي هنا يلعب التراث دورا بارزا في تعزيز الثقافة الأصيلة لدى الأجيال ويعتمد التراث العربي الشعبي في أساسه على المخزون الثقافي الذي تركته لنا الأجيال السابقة من حكايات، أشعار، أساطير، فنون، ألعاب، حرف، أغاني وأمثال وألغاز والكثير من الطقوس والاحتفالات. وليس هناك نقطة محدودة يمكن لنا أن نتابعها لتحديد تاريخ هذا التراث أو حتى مصدره، بل يصل الأمر أحياناً إلى صعوبة تحديد الموقع الجغرافي الذي شكل أول مكان لظهوره. والدليل على ذلك، التشابه الكبير في الكثير من الحكايات والألعاب والألغاز في عدد من الدول على اختلاف ملامحها، والتنازع الواضح أحياناً حول شخصية من شخصيات هذا التراث، أو أحد ملامح هذا التراث من خلال هذه المقدمة التي يتفق عليها الباحثون في كل مكان فإنني أنادي بضرورة توظيف التراث بشكل أكبر في مختلف النواحي الإبداعية والثقافية ففي الرواية يشكل التراث رافدا مهما يستقي منه الراوي شخصياته وأبطاله ومسرح الزمان والمكان في حكايته كذلك في القصة القصيرة حيث هي بمثابة الرسالة القصيرة الموجهة للأجيال والحاملة للعديد من القيم الاجتماعية والثقافة الشعبية الأصيلة وفي المسرح، يعد التراث الشعبي رافداً مهماً استفاد منه العديد من الكتاب والمخرجين العاملين في هذا المجال فمنهم من قدم التراث بصورته الأصيلة ومنهم من حذف أو أضاف عليه، ومنهم من استل منه قيمة معينة وطورها بحيث أصبحت مواكبة للعصر الذي قدمت فيه. وتقديم الحكايات المستلهمة من التراث الشعبي للأطفال من خلال المسرح يعد من قبيل التعريف بهذا التراث والدعوة إلى التمسك بالتاريخ والأصالة وبث العديد من القيم والسلوكيات التي نود إيصالها لأطفالنا وهذا مالا يختلف عليه أحد، فالحكايات الشعبية عالم ساحر يمتزج فيه الواقع بالخيال في سلب عقل الطفل ويخلق له آفاقـا رحبة ويوسع مداركه ويضيف إلى خياله الكثير من الصور والرؤى، كما أن الرجوع إلى أزمان غابرة يتيح للطفل التعرف على أشكال الحياة في تلك العصور من أفكار ومعتقدات وأزياء وديكورات وأساليب حياة فيشحن قدراته ويزيد من معارفه ومعلوماته. إن أهمية توظيف التراث تتمثل في تحديد جانبيه الإيجابي والسلبي، من خلال استيعاب أبعاده من قبل المخرج أو الكاتب القائم على استلهام هذه الحكاية أو تلك خاصة حين يكون الاستلهام مقدما للأطفال الذين يستمدون الكثير من مخزونهم وقيمهم من مادة يبدو أنها كالسلاح ذو حدين نستطيع أن نوظفها لصالحنا في أكثر الأحيان من هنا تأتي أهمية التراث وتوظيف التراث في مختلف جوانب الحياة كما يأتي توظيف التراث في الفن التشكيلي بطلا من أبطال هذا الفن حيث اللوحة تحكي حكاية زمن مضى بوجوه أشخاصه وبقايا منازله وروعة الحضور الذي يتجسد في اللوحة ذات الأبعاد التراثية الجميلة ورغم دمجنا لكل فعالياتنا وموادنا الإعلامية بالتراث إلا أنني أرى أنه مازال بإمكاننا عمل الكثير من أجل موروثنا وهويتنا من خلال الاستعانة بالمصادر التراثية في الإعداد لبرامج تراثية والاستعانة بكفاءات ذكية من أجل الترويج لهذه البرامج وإيصالها إلى أكبر عدد ممكن سواء داخل أو خارج البلد.