13 سبتمبر 2025

تسجيل

الحرب على الإخوان في مصر

17 نوفمبر 2012

من علامات العافية في العمل السياسي وجود أحزاب واتجاهات سياسية واجتماعية مختلفة تمارس النقد والرقابة على الحكومة من أجل ترشيد العمل السياسي والحيولة دون الانحراف في مسار الديمقراطية ومبادئها .. في مصر اليوم بدأنا نشهد هذه الحالة الصحية مع وجود أحزاب متعددة المشارب والتوجهات تمارس النقد تجاه الرئيس مرسي وحكومته . ويؤمل من معارضة هذه الأحزاب أن تساهم في ترشيد العمل السياسي والحيلولة دون فساد الحزب أو الأحزاب المشاركة في الحكومة وتعزيز الرقابة الاجتماعية والسياسية على رموزها حتى لا يتحول الحاكم وحزبه إلى ديكتاتور يتحكم بالعباد والبلاد . في مصر بعد الثورة تغير كلّ شيء وهذا انعكس على البلد والمواطن .. فمن الغرابة أن تسمع من أن نجل الرئيس مرسي رفع دعوى قبل أيام على شرطي تلاسن معه وقد شتمه الشرطي حتى بعد أن عرف أنه نجل الرئيس ، قائلاً "وإيه يعني إنك ابن الريس " . هذا يدل على أن الشرطي ، على الأقل ، يشعر بالحرية وأنه لن يُظلم في مصر الثورة ، وإلا لما تجرأ على نجل الرئيس ، ولا أعتقد أنه كان سيفعل ذلك مع حفيد مبارك وليس مع أحد نجليه . عود على بدء ، يبدو للمراقب للحالة المصرية أن طبيعة المعارضة كحالة عامة تخطت الوظيفة المنوطة بها في الحياة الديمقراطية ، حيث إن الانتقاد اللاذع والدائم والشامل عند كل شاردة وواردة والتشكيك بنوايا الإخوان وحزب الحرية وتوجهات الرئيس ودخول الفنانين والفنانات على الموضوع أمر يثير الشبهة والريبة في الخلفية التي تنطلق منها هذه الانتقادات وغيرها إلى أبعد من الممارسة الديمقراطية المشروعة. لفتني مقطع فيديو أورده موقع العربية نت بعد انتشاره على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع لراقصة مصرية معروفة وهي تقوم بوصلة غنائية راقصة تنتقد بشكل غير لائق مشروع النهضة الذي وعد به الرئيس مرسي خلال حملته الانتخابية، وأن مرسي لم يحقق شيئاً إلا في "المانجا"، في إشارة إلى تصريح الرئيس المصري الشهير في أول 100 يوم من حكمه حول انخفاض سعر المانجو ، مستعملة ألفاظ في أغنيتها كلمة "طز" التي اشتهر بها المرشد السابق مهدي عاكف في أحد حواراته عندما نقل عنه قوله : "طز في مصر". قد يكون شأنها شأن أي مواطن من حقه التعبير وإبداء رأيه في الأوضاع المصرية لولا إشاعة سابقة عن زوجها بالنائب السلفي أنور البلكمي الذي أثير ضجة حوله بعد عملية تجميلية أجراها لأنفه، وبمقارنة بسيطة مع شواهد كثيرة من هذا النوع تعرض لها نواب حزب النور كان أغلبها إشاعات ، يتبين وجود هجمة مركزة وواعية . فالهجمة التي تتعرض لها حركة الإخوان اليوم هي أشرس مما كانت عليه حين كان قاداتها داخل السجون أيام النظام السابق، هذه الهجمة تجمع اليوم ليس فقط من يتخوفون على مدنية الدولة، وإنما كل متضرر من أي إصلاح سياسي ، فضلاً عمن جُبل على كره الحركات الإسلامية بكافة أشكالها ورموزها وطروحاتها لا لسبب وجيه وإنما البغض فقط . وهنا يبرز سؤال بسيط وبريء.. لماذا كلّ هذه الهجمة الشرسة على الرئيس مرسي وحزبه وحركة الإخوان؟ على إية حال حركة الإخوان وحزبها السياسي بحاجة إلى مزيد من المرونة والنضج السياسي لإدارة دولة بحجم مصر وموقعها الجيوسياسي ومكانتها بين إخوانها العرب، وقد أظهرت الحركة حتى اللحظة مرونة مطمئنة على أنها قد تنجح في ترتقي بالحركات الإسلامية وأحزابها لأخذ دورها في الحياة السياسية إلى جانب الأحزاب الليبرالية واليسارية . القلق اليوم هو من أعداء الإصلاح في مصر المتضررين من مكافحة الفساد بكافة أشكاله لأن هؤلاء باتوا يتقوون بكل متضرر من وجود الإسلاميين في السلطة فقط لأنهم إسلاميون ..وهذا بحد ذاته ينذر بدخول البلد المتدين بطبعه إلى نفق مجهول في حال تم إقصاء الإسلاميين بغير الطرق الديمقراطية التي بدأت تدخل مصر .