11 سبتمبر 2025
تسجيلعادة ما تكون الأزمات كاشفة لأجهزة ووسائل الإعلام، حيث تضعها عند مفترق طرق، إما أن تنحاز خلالها للحقيقة، دون سواها، أو تنساق خلف شعارات براقة، وأخبار ملفقة، ودعايات مغرضة، قد تكون هذه الوسائل شريكة فيها، بشكل أو بآخر. وشغلت العلاقة بين الإعلام والأزمات، العديد من الباحثين والإعلاميين، فأصدروا في ذلك كتبًا تلقي الضوء على طبيعة هذه العلاقة، وما ينبغي أن يكون، وفق ما يذهب إليه د. محمد شومان، أستاذ الإعلام، في كتابه الموسوم«الإعلام والأزمات.. مدخل نظري وممارسات عملية» ، وتأكيده بأن الإعلام عليه أن يقوم بواجبه أثناء الأزمات، وأن يكون الإعلامي ذاته «ملمًا بالمفاهيم والأدبيات والأطر النظرية الأساسية في مجال الأزمات والكوارث». وعادة، وخلال الأزمات، يقوى العصف الذهني لدى المتلقي، سواء كان مشاهدًا أو قارئًا، فيجعل الأزمات مقياسًا للحكم على وسائل الإعلام، ليقوده ذلك إلى حكم - قد يكون نهائيًا بحق هذه الوسائل - فيجعلها إما في مصاف وسائل الإعلام، المعبرة عن ضميره، المنحازة إلى الحقيقة، أو يلقي بها في «نفايات التاريخ». وحين يتتبع المشاهد لقناة الجزيرة تغطيتها للعدوان الغاشم على غزة، وتلك المهنية التي تتسم بها هذه التغطية، تنحاز فيها إلى الحقيقة، وإلى ما يقع على أبناء القطاع من انتهاكات غير مسبوقة في تاريخ البشر، فإنه سرعان ما يتعزز لده تلك المكانة التي تستحقها الجزيرة، خاصة وأنها ليست المرة الأولى التي يجد فيها المشاهد قناة الجزيرة، وهي تنحاز إلى الإنسان، وإبراز حقه في معرفة الحقيقة، ونقلها إليها، رغم عذابات التغطية، والتي قد تودي بحياة أصحابها، وهو كثيرًا ما تعرض له صحفيو الجزيرة، فوقعوا بين شهيد ومصاب وموقوف. وكثيرًا، ما واجهت الجزيرة في تغطياتها مثل هذه الأزمات، سواء كانت حروبًا، أو غيرها من أحداث ومناطق ساخنة، فتصدى لها صحفيوها، بكل ما يملكون من مهنية وكاميرا وميكروفون، لينقلوا للمشاهد حقيقة ما يدور على الأرض، دون «دعاية» أو «تجميل»، مقابل وسائل أخرى، زعمت أن وقوفها على الحياد، هو المهنية بعينها!! ومن ثالثة الأثافي، أن هناك من جعل نفسه بوقًا للمعتدي، فتحدث باسمه، وحاول يائسًا تشويه الحقيقة، وهو يدرك يقينًا بأنه يغتال مهنيته، قبل أن يخسر إنسانيته، إن كان له منها نصيب، فأطلق على نفسه بذلك رصاصات الفشل الإعلامي، قبل أن يغرق في بحر التيه والضلال.