11 سبتمبر 2025

تسجيل

مع صديقي العلماني .. حوار صريح

17 أكتوبر 2014

استطعت ولله الحمد أن أقيم علاقات صداقة مع بعض من أختلف معهم في القناعات الفكرية واتجاهات الرؤية الإستراتيجية.. وأحدهم صحفي مختص بالكتابة في الشأن السياسي.سألني صديقي هذا فقال: لماذا الإسلاميون يصرون على العمل السياسي.. ولماذا لا يكتفون بالدعوة إلى الإسلام فهم ظرفاء ومتعلمون ومخلصون ومثقفون.. يكفيهم ذلك وليتركوا السياسة لغيرهم؟قلت له: وهل تقبلون أنتم أن تتخلوا عن العمل بالسياسة؟ قال لا..قلت: لماذا؟قال: لأننا الأقدر على إدارة السياسة وتصريف حياة الناس.. قلت: وهكذا يرى الإسلاميون أنفسهم، ولكن دعني أطرح عليك سؤالا أراه يدخلنا لصلب الموضوع.. ماذا لو أنكم أدرتم حياة الناس بطريقة وأسلوب وباتجاه غايات لا يوافق عليها الإسلاميون؟ قال: من حقهم أن يعترضوا.. قلت: فإذا قاموا يحرضون الناس على ترك المنكرات، وإغلاق بيوت اللهو، ومقاطعة بنوك الربا، وإذا انتقدوا الحكومات واستبدادها وفسادها وعلاقاتها.. هل هذا من الحدود التي يسمح لهم بها أصحابك العلمانيون، أم سيتعرضون لهم بالأذى والمنع؟ قال: أليس هذا تدخلا في السياسة؟ قلت: هذا هو الدين.. وسمّه أنت بما تشاء. ثم قلت: ما رأيك في عرض (أعرضه كحديث عقل فقط فأنا لا أملك ضمانة ما أعرض عليك). قال: هات. قلت: خذوا الحكم والسياسة وكل الوزارات.. وأعطونا شيئا واحدا.. قال: ما هو؟ قلت: أن تحكموا بالإسلام وأن تتركونا ندعو لدين الله، وأن تقيموا الأمور على القرآن، ولن تجدونا ننازعكم أو نسابقكم على شيء من مصالح الدنيا، ولن يقاتلكم الإسلاميون على حكم ولا على سواه. قال لي: أنا لا أحب أن يقوم النظام السياسي في بلادنا على الإسلام.. ليس كرها في الإسلام ولكنني مقتنع بأن العلاقة الصحيحة بيني وبين ربي هي علاقة خاصة وثنائية.. قلت له: وأنا أرى أن تكون علاقتي بربي كما تقول.. وفوق ذلك أن أسعى في تحكيم شرع الله على أسرتي وحارتي وأقاربي وأمتي، وألا يخرج ابني وحفيدي من البيت فتواجهه المنكرات هنا وهناك.. قال: فكيف نتفق؟قلت: اقترح أنت؟قال: لن أزيد عما بدأنا به (يقصد أن يتخلى الإسلاميون عن العمل بالسياسة). قلت: ما رأيك أن نبدل العرض.. خاصة ونحن الأكثرية.. فنحكم نحن وتدعون أنتم لما تشاءون. قال: لن نتفق. قلت: فما الذي يرجح حقك على حقي، مع أن مواطنتي كمواطنتك، وأنا مثقف مثلك وأكتب في السياسة كما تكتب؟ سكت ثم قال.. إن حكمتم سيهاجر خصومكم فهل تريد بلدنا بلونكم فقط؟قلت: أنتم حكمتم ونحن صبرنا عليكم منذ سبعين سنة ولم نهجر البلد.. اقبلونا كما نقبلكم. قال: لسنا مثلكم ولا نستطيع ما تستطيعون. قلت: أشكرك على هذا الإطراء..آخر القول: من أهم ما خلصنا إليه بعد عشرات السنين من التجارب والتطبيقات إلى أن الكثير من الشخصيات والنخب والأحزاب والاتجاهات التي ملأت الدنيا زعيقا بالشعارات الثورية ودعاوى الوطنية والإنسانية ليست أكثر من فارغة من أي محتوى أخلاقي أو مضمون عدالي.. فيما الإسلاميون لا يطلبون أكثر من العدالة الوطنية والانتخابية على قاعدة المواطنة المتساوية والدعوة بالتي هي أحسن.