18 سبتمبر 2025

تسجيل

حاولوا بعد الفشل أن تنهضوا بشكل أقوى

17 سبتمبر 2012

نمضي في هذا الكون في إطار سنن ربانية ثابتة، وإذا كان علينا أن نتعرف عليها، فإن ذلك من أجل التكيف معها والعمل في ظلالها، ومن تلك السنن أننا لا نستطيع أن نضمن نتائج محاولتنا واجتهاداتنا على نحو مستمر، وكلما كان ما نسعى إلى الحصول عليه كبيرا كانت حساباتنا اقل دقة. شيء جيد أيها الشباب أن تفهموا هذه الحقيقة، وإني ألمس في بعض تعاليم الاسلام ما يدعونها إلى أن تكون مطالبنا كبيرة وألا نرضى بالقليل وأن يكون لدينا نوع من المخاطرة المحسوبة، لأن الذين لا يخاطرون قد لا يربحون، وإذا ربحوا فإن أرباحهم تكون قليلة، وتلمح هذا في إحلال الله تعالى للتجارة وتحريمه للربا، فالتجارة تشتمل على نوع من المخاطرة ولكن أفق الربح فيها واسع وغير محدد، أما الربا فإنه يخلو في العادة من المغامرة لكن الربح دائما محدود وقليل نسبيا. قال صاحبي: إذا كان الإخفاق وعدم الوصول للمراد شيئا متوقعا فكيف ينبغي أن يتعامل شبابنا مع ذلك؟ قلت: لعلي يا صاحبي ألخص الجواب في الآتي: 1- انظروا إلى الإخفاق على أنه شيء طبيعي في الحياة، ولهذا فإن من المهم أن تسيروا في حياتكم وفق القاعدة التالية: لا مكاسب كبيرة إلا عبر الكثير من المحاولات، والامكانات الكامنة لا تسفر عن وجهها بسهولة، وتذكروا أيها الشباب أن الذين لا يذوقون طعم الإخفاق هم الكسالى والمحرومون من الطموحات الكبيرة، وتذكروا أيضا أننا لا ننكر أن المسلمين قد خسروا بعض المعارك، ولكن الرقعة الكلية تتسع، وأن الذين يدخلون في دين الله يتزايدون حتى في معاقل المدنية الحديثة في الشرق والغرب. 2- من المهم أن تعرفوا أننا لا نستطيع في أغلب الأحيان أن نتحكم بالأحداث، ولكننا نستطيع أن نتحكم في ردود أفعالنا عليها، لأن الذي يؤثر علينا ليس ما يحدث، وإنما الآثار التي يتركها في نفوسنا، مثل الذي يفقد عزيزا لديه، فإن هذا يكون تأثيره مدمرا إذا أورثنا اليأس والقنوط، وهذا ما يتنافى مع قول الله "إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون" فالمسلم الحق قوي لأن منهاج حياته منضبط بصلاة وصوم وعدالة وتعاون مع الآخرين، ولا يستخدم القوة إلا لمهمة مقدسة كإزالة الظلم والفساد والرذيلة. 3- حاولوا بعد كل سقوط أن تنهضوا بشكل أقوى لتبرهنوا لأنفسكم وللناس من حولكم أن الإخفاق يمثل وقودا روحيا لتوثب جديد، فالإسلام يحتوي على عناصر قادرة لها من القوة الفعالة في كل حين حتى في أوقات تخلف المسلمين. 4- تعلموا من الإخفاق خير الدروس وتعرفوا على الطرق المسدودة كي تصلوا في النهاية إلى الطرق السريعة، ولكم أيها الشباب الأسوة الحسنة في ثورة الشباب في مصر وسوريا وتونس في أيامنا هذه؛ فقد قضوا أكثر من ربع قرن ليتعرفوا على الطرق المسدودة وأخيراً اهتدوا إلى الطرق السريعة.