11 سبتمبر 2025
تسجيلتعد الجودة مقياساً للتميز، وهي الخلو من العيوب، والنواقص، ذلك يتأتى بالالتزام بمعايير قابلة للقياس، وقابلة للتحقق لإنجاز نتيجة مرضية تتناسب، وأهداف القائمين بها. وتعتبر السمعة من الأهمية بمكان، حتى أنها قد تحافظ على مكانة صاحبها، أو تدمره، وفي الواقع الرقمي بوقتنا الحالي، تعد السمعة أكثر أهمية، بحيث نجد أن بناءها صعب، في حين أن هدمها سهل، وسريع الانتشار. السمعة هي مفتاح النجاح، وبالنظر لسمعة أكبر تتخطى الأفراد الى محيط الدول نعود لبداية تأسيس نظريات الدولة عند المفكرين الأوائل ولعل أكثرهُم انتشاراً وسمعة، لا جودةً (أفلاطون)، الذي اشتهر بمدينته الفاضلة، تلك التي وضع لها مقاييس، وإن كانت مشتقة من سقراط الحكيم الذي سبقه، وأعدم لصراحته أمام شعبه، إلا أن أفلاطون الذي مات على أنغام الناي وهو على سريره، ولم يعدم. قد عاش لاستخدامه مفهوم الأكذوبة النبيلة، والتي سمح من خلالها للفيلسوف الحاكم أن يكذب على الرعية إذا احتاج إلى ذلك من أجل المصلحة العامة. حيث تحقق هذه الأكذوبة ذات الأهداف السامية (أي لا تعتبر كذبة) الوحدة، والاستمرار السليم للدولة. استخدم أفلاطون الأساطير لإقناع الرعية بفكرته، لا العقل والمنطق، فانطلق من الأسطورة القديمة التي تقسم الناس إلى معادن (ذهب وفضة وحديد) على أساس أن الطبيعة هي التي فرضت هذا التمايز بين البشر. ورغم عدم واقعية الفكرة، وعدم جدوى تحققها في الواقع الإنساني، إلا أنها أشهر محاولات مفكري اليونان الأوائل للتنظير للدولة، ومصدر إلهام لما تبعه بعد ذلك من نظريات فلسفية. تعد الحركة الدائمة من أهم سمات الحياة السياسية، ولها آثارها الاجتماعية، والاقتصادية، والفكرية. ويعتبر وضع الفرد داخل الدولة هو المحرك الأول للفكر البشري. ولأن الفكر الفلسفي النقدي كان من أهم أسباب الثراء الفكري للأفراد، فكانت غاية الفلسفة السياسية تقديم نموذج عن القانون العادل في الدولة، الأمر الذي جعل كل نظرية موضع نقد للنظرية التي تتبعها. ولم يقدم علم السياسة تصوراً جديداً للدول، بل هو علمٌ يحلل واقعها، ويضع قوانين تنظم طبيعة العلاقة بين الحاكم، والمحكوم فيها. تبقى السمعة بمكان حسنة كانت أم سيئة، مرتبطة بجودة الصنعة، وتبقى القيم، والمبادئ الإنسانية السليمة سبب استدامة الأوطان السعيدة. قد يشتهر البطل، ويشتهر أيضاً من أساء العمل. وقد تندثر جموع الطيبين في سبيل الحفاظ على مكانة، وسمعة أوطانهم. ورغم وجود العديد من الفلاسفة في العصر اليوناني إلا أن الشهرة قد طالت ثلاثة فلاسفة الى حد كبير قد وصلوا بصيتهم الى وقتنا هذا، وهم سقراط، وأفلاطون، وأرسطو، ولولا أكذوبة أفلاطون لكان قد أعدم مثل أستاذه الصريح سقراط، وتلميذه أرسطو الذي هرب من أثينا، وتوفي خارجها. ورغم كونها أكذوبة إلا أنها كانت سبباً في ازدهار مدينته، ورضاء شعبه.