13 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الجميع لا يستطيع تصديق ما يحدث. جميعنا نقول إن الأحداث التي تجري في العالم "شيء لا يصدَّق". ونواجه أحداثًا لا يمكن تفسيرها بواسطة العقل والمنطق والعقلانية. أسئلة لا يمكن الإجابة عليها بواسطة المنطق مجرد إلقاء نظرة على محاولة الانقلاب الفاشلة التي حدثت في تركيا يوم 15 يوليو الماضي. كانت محاولة للانقلاب في بلد يمتلك قوة اقتصادية تحتل المرتبة الـ 17 في العالم والـ 6 في أوروبا، وعضو في مجموعة الـ20، ويمتلك جيشًا من أقوى الجيوش في حلف الناتو... وهو مرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي، وأكبر شريك تجاري لأوروبا والولايات المتحدة حليفهما الإستراتيجي الذي يبلغ عدد سكانه نحو 78 مليون نسمة!. انقلاب على رئيس فاز بـ 52 بالمائة وحكومة فازت بـ 50 بالمائة من أصوات الناخبين، في بلد من أكثر الدول استقرارًا رغم مجاورته لدول الشرق الأوسط، نعم انقلاب في هذا العصر... "أيعقل هذا؟". من سيستفيد من بلدٍ جرَّ إلى الفوضى، ويشهد اندلاع حرب أهلية، ويعاني من احتلال قضم بعض أجزائه؟ الاتحاد الأوروبي، تصدع بسبب أزمة كالأزمة السورية، ووصل إلى حافة الإفلاس بسبب أزمة اللاجئين. فلماذا يرغب باندلاع حالة من عدم الاستقرار في دولة تجاوره؟. ولماذا لترغب الولايات المتحدة بتفكك حليفها الأقوى في المنطقة؟ ما الذي ستجنيه؟ وفي الوقت الذي تعاني فيه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من الإرهاب القادم من البلدان المحتلة والمفككة، لماذا تعملان على الدفع بتركيا نحو نفس المربع؟. دعونا نقول إنهم لم يتمكنوا من الحؤول دون تنفيذ الانقلاب، لكن لماذا لم يقفوا إلى جانب تركيا، ويسعون إلى حماية زعيم منظمة فتح الله غولن الإرهابية، فيما تواصل جميع وسائل إعلامهم ضخ المواد التي تهدف لتشويه صورة تركيا؟ لماذا يغضبون من إيماءات تركيا بتغيير محورها، فيما يدفعونها فعليًا للقيام بذلك. لماذا؟. لا يمكن إعطاء إجابات لهذه التساؤلات انطلاقًا من الواقعية السياسية، لا يمكن تفسير ذلك منطقيًا. إذن نحن أمام وضع غير منطقي. وهذا يعني أن هنالك أفكار وآراء وخطط ومخططات يحاوَلُ وضعها موضع التنفيذ. لا يوجد أي تفسير آخر لذلك. ما كان لأحد منّا البتة، ليصدق قبل 15 يوليو الماضي، وجود سعي من منظمة فتح الله غولن الإرهابية من أجل تنفيذ انقلاب عبر نفوذها داخل مؤسسة الجيش، من منّا كان يتنبأ أن يتحول أولئك المخدَّرون والمسحورون والمحولون لروبوتات إلى مجرمين قتلة؟. لكن كل ذلك كان صحيحًا. إفلاس العقل، وولادة نظام الجنون أوروبا والولايات المتحدة تعيش أيامًا كما لو أنه تم أسرها. لم يكن لأحد أن يتخيل انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لكنه حصل، والآن، تعاني المملكة المتحدة، وكذلك الاتحاد الأوروبي من ذعر الانهيار وانفراط العقد. فكروا قليلًا... شخص مثل ترامب ينظر إلى جميع المسلمين واللاتينيين والثقافات الأخرى نظرة عداء، هو اليوم مرشح بشكل رسمي لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية. إن مجرد التفكير في هذا الشيء يضر العقل. وماذا لو تحقق أيضًا؟. نحن كما لو كنّا نعيش في فترة يفلس فيها العقل الرشيد في هذا العالم. السياسات الحكومية تفلس أيضًا واحدة تلو الأخرى، ونشهد آلام مخاض لولادة نظام الجنون. هذا هو "النظام العالمي غير العقلاني". إن الكثير من الناس الذين رأوا في أطروحة "هنتنغتون" حول صراع الحضارات أنها تتنافى مع العقل والمنطق، يقفون مندهشين وخائفين فيما تتحقق تلك الأطروحة خطوة تلو أخرى. منظمات أكثر قوة وهرطقة من غولن كنا نتحدث دومًا عن الأسباب التي تقف وراء الأحداث، والقوى الدولية التي تؤثر على السياسات الحكومية. والآن هل من الممكن أن تكون القوى التي تختطف الدول وتعمل على فرض قرارات لا تريدها السلطة، هي عبارة عن قوى ظلامية غاية في الخطورة؟. دعونا ننظر إلى تركيا. اشرحوا لأحد العلماء الأجانب طرق ووسائل وأعمال وأهداف تنظيم فتح الله غولن الإرهابي. لن يصدقكم أبدًا وسيقول "إن ذلك ليس بمنطقي، هذا أمر مثير للسخرية". نعم إنه كيان سريّ مُنظمٌ في 170 دولة، وقادر على استخدام التكنولوجيا والموارد البشرية الأكثر تقدمًا في العالم لينفذ انقلابًا... هو تنظيم مؤثر ومستعد لإسقاط طائرة روسية لافتعال حرب بين روسيا وتركيا... دعونا نفكر بوجود منظمات مماثلة في الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وألمانيا وفرنسا. ماذا لو كانت تلك المنظمات تسيطر على هذه البلدان، وأنها قادرة على أن تتخذ قراراتٍ لا تريدها سلطات تلك البلدان؟ هذه هي بالضبط الحالات غير المنطقية، هكذا فقط يمكن تفسير التحركات السياسية الجارية. إن سياسات الدول التي لا تستند إلى العقلانية والمصلحة، لا شك أنها تكون في واقع الأمر تخدم أغراضًا أخرى. حسنًا، من هي الجهة المستفيدة من هذه السياسات التي لا تنتج سوى خلق الفوضى والاضطرابات حول العالم؟ إذن هناك جهة مستفيدة تملك أحلامًا وأهدافًا غير منطقية. إننا نشعر بالدهشة كلما خرجت معتقدات كفرية تدعو لمهدي مشوَّه يطمح للهيمنة على العالم، أليس كذلك؟ رغم أن هذه الأحلام غير منطقية إلا أن هناك تنظيمات تعمل بنشاط على أرض الواقع من أجل هذه الأهداف مستخدمة وسائل غسل الأدمغة وتجنيد البشر. منظمة فتح الله غولن الإرهابية تمارس هذا النشاط منذ 40 عامًا. وأعتقد أن علينا أيضًا أن نفكر قليلًا بتنظيمات تنشط في هذه المجال منذ 400 عام. تنظيمات تجذّرت في معظم الدول القوية حول العالم، ما الذي من الممكن أن تفعله تلك المنظمات التي تمتلك أحلامًا غير عقلانية، مجرد التفكير في الأمر يدعو إلى الخوف. سيما أن أحلام تلك التنظيمات وأهدافها مرعبة أكثر من تنظيم غولن. لقد شاهدنا بأم أعيننا الثمن الذي جعلونا ندفعه بدلًا لأحلامهم في "النظام العالمي الجديد". وهذا يعني أن الأبدال التي سيجعلوننا ندفعها كرامة لإقامة "النظام العالمي غير العقلاني" ستكون أكثر شدّة وقساوة. لذا لا طريق أمامنا سوى بالتعقل، ومقاومة النظام العالمي الفاسد وغير العقلاني. وبما أنه لا يمكننا أن نقاوم ونتصدى للرياح العاتية كل منّا على حدة، فلابد أننا بحاجة لتحالفات وآفق تعاون جديد.