19 سبتمبر 2025

تسجيل

الباحث عن سعادته

17 أغسطس 2016

... ولأنك - كما اتفقنا بالأمس - أنت صاحب وسيد قرارك، وأنت من يصنع سعادتك، وأنت من يقرر أن يكون سعيداً أم تعيساً، إلى آخر تلك الشؤون الحياتية، فسنحاول أن نكمل اليوم الحديث عن الموضوع الذي كان ولايزال يشغل البشر، بل سيكون كذلك شغلهم الشاغل إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.. حديث السعادة. كلنا يعلم أنه لا يوجد إنسان على هذه المعمورة لا يرغب في إسعاد نفسه أو أهله ومن لهم مكانة عنده من الأصحاب والأصدقاء والأقارب، فهكذا هي النفس السوية المفطورة على حب الخير للغير كما للنفس، لأن العكس من ذلك هو تصادم واضح جلي مع الفطرة السليمة. من الطبيعي أن الباحث عن السعادة، سيتخذ كافة الأسباب المحققة لهدفه، وهذا حق مشروع بشرط عدم مصادمته لقوانين الفطرة والمنطق والذوق السليم ، وقبل كل ذلك نواميس وقوانين الكون بما فيها الأديان السماوية الحقة. مصادر السعادة تتنوع بتنوع واختلاف البشر وأمزجتهم، فمنهم من يرى الكسب المالي وصناعة ثروة مادية بصورة وأخرى، مصدر رئيسي من مصادر سعادته، لكن آخرين ربما يرون سعادتهم الحقيقية في الزواج من الحبيب مثلاً، فيما ثالث يرى سعادته في امتلاك سيارة وفريق رابع في الحصول على الشهادة الدراسية، وآخر في الترقية بالعمل أو الظهور أو الشهرة، إلى آخره. نقطة مهمة في هذا السياق لابد من أن نعيها تماماً، هي أن سعادتك إنما حالة وجدانية مؤقتة تستمر لفترة محددة، أو إن صح التعبير، لها تاريخ صلاحية. حيث تبدأ ترى نفسك تعيش الحالة الوجدانية تلك، المتمثلة في شعور عام بالرضا والارتياح والانشراح لأي سبب مادي أو معنوي، ثم يبدأ تدريجياً بالزوال، لأنه شعور لا يدوم أساساً بل سينتهي، سواء بعد ساعة من الزمن البشري أو بعد يوم أو يومين أو شهر وشهرين، أو أكثر وأقل من ذلك. لا يمكن لهذا الشعور بالاستمرار لأنك في واقع أرضي متغير لا يعرف للخلود معنى، بل هو ذاته لا يعرف الاستقرار والاستمرار على حالة واحدة. هذه الحقيقة تساعد كثيراً في فك بعض الألغاز حول عدم استمرارية سعادة الانسان، مهما كانت حالته المادية والمعنوية.. وحول هذه الجزئية لنا حديث بالغد إن شاء الله .