14 سبتمبر 2025
تسجيلتابع الجميع تشدد أردوغان خلال المرحلة الماضية بخصوص الموافقة على انضمام السويد لحلف الناتو وصرح تصريحات عدة تشير إلى هذا المضمون بل وساندت الصحافة التركية هذا الخطاب بالعديد من التغطيات التي تشير لموقف متشدد ما لم تلتزم السويد بالشروط التركية بل وذهب أردوغان إلى ربط الموافقة بحصول تقدم في ملف عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، وذلك عشية قمة الناتو وهو الأمر الذي وجدت عدة دول أوروبية منها ألمانيا أنه غير مرتبط بملف عضوية السويد في الناتو. في الحقيقة كان هناك توقع أن يوافق أردوغان في النهاية على ملف عضوية السويد في الناتو ولكنه كان يرغب أن يظهر الموقف المتشدد من أجل تحقيق أكبر قدر من المكاسب وقد ذهب في وضع الشروط والمطالب لأكبر قدر من أجل تحقيق مصالحه وهو ما يعرف بسياسة حافة الهاوية. صحيح أن سياسة حافة الهاوية مرتبط بفكرة الحرب ولكن الفكرة توجد حيثما يوجد تفاوض. وهنا نذكّر قليلا بتعريفات هذا المصطلح فيما يلي: «القدرة على الوصول إلى حافة الهاوية دون الدخول في الحرب هي الفن الضروري». ويعتقد أن الكلمة المفتاحية هنا هي كلمة فن مما يشير إلى أن تنفيذ هذه السياسة يحتاج خبرة وإدراكا ومهارة نظرا لخطورة هذه السياسة إذا زادت عن حدها. ومن التعريفات الأخرى للمصطلح: ممارسة السياسة الخارجية التي يفرض أحد الطرفين أو كلاهما التفاعل بينهما إلى عتبة المواجهة من أجل الحصول على موقع تفاوضي مفيد على الآخر. وتتميز هذه التقنية بخيارات سياسية صارمة للمخاطرة، ومن تعريفاتها أنها: فن أو ممارسة دفع الموقف أو المواجهة الخطرة إلى حد الأمان، لفرض النتيجة المرجوة. ومن هنا يمكن القول إن سياسة حافة الهاوية هي إيهام الطرف الآخر بأنك متشدد على موقفك لأبعد حد لدفعه لتقديم مزيد من التنازلات لتليين موقفك تجاه. ومن الواضح أن أردوغان حصل على تسهيلات ومكاسب خلال هذه العملية ستتكشف تفاصيلها خلال الأسابيع والأشهر القادمة. وقد رأينا التحول الذي حصل على الموقف التركي بعد تحقيق هذه المكاسب وقد رأينا تسهيلات على هامش هذه الموافقة فيما يتعلق بصفقة إف16 بين تركيا والولايات المتحدة ورفع الحظر الكندي على تركيا في بعض المعدات المستخدمة في التصنيع العسكري وغيرها. وفي هذا السياق سمح البرلمان التركي لعدد من لجانه مواصلة العمل خلال فترة العطلة الصيفية، من بينها لجنة الشؤون الخارجية التي يرأسها النائب الأسبق لرئيس الجمهورية فؤاد أوكطاي وذلك من أجل تسريع مصادقة البرلمان التركي على بروتوكول انضمام السويد إلى الناتو حيث من المعلوم أن عملية التصديق التركية على انضمام السويد لحلف الناتو تتطلب إرسال بروتوكول رئاسي من الرئيس أردوغان إلى البرلمان التركي يعرض للنقاش في لجنة الشؤون الخارجية ويتم التصويت عليه فيها ثم يطرح للتصويت العام في جلسة عامة للبرلمان. ويدخل البرلمان التركي حاليا في إجازة لمدة شهرين قبل انعقاده مرة أخرى للتصويت على موقف تركيا من انضمام السويد للناتو والتي أبدت دعما لحق تركيا في العضوية فضلا عن تلبية الشروط الأمنية التي طالبت بها تركيا. سيكون لهذه الخطوة أيضا انعكاسات إيجابية على الاقتصاد التركي غربيا ويبقى أن ننتظر الخطوة التالية من أردوغان لتهدئة الغضب الروسي إزاء هذا الموقف التركي الذي أحدث ارتياحا غربيا وقلقا روسيا.