27 أكتوبر 2025
تسجيلثقافته وأسلوبه الدعوي (6) 1. استخدام أسلوب القصة عند ابن السنوسي: يعد أسلوب القصة من أنجع الأساليب التربوية للنصح والإرشاد، والغرض الأكبر من هذا الأسلوب للدعاة، أخذ العبرة والعظة، قال تعالى: "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب..." يوسف 11 ولذلك كان ابن السنوسي يكثر من استخدام القصة لتفهيم أتباعه باعتبارها أسلوبا تربويا تعليماً مهماً، ومن ذلك قصة حكاها لابنه وإخوته يبين فيها أهمية القيادة في الجماعة، وضرورة المحافظة على القائد الذي بمثابة الرأس من الجسم، والقصة كما سردها محمد المهدي السنوسي: "كنت جالساً مع سيدي رضي الله عنه وتكلم معي طويلاً مقبلاً لجهة الجنوب ثم حكى لي حكاية بأنه كان كبير قوم ارتحل هو وقومه من مكان الى مكان، فبينما هم في أثناء الطريق واذا بالعدو قد ظهر عليهم فالتفتوا إلى جميع الجهات ينظرون ملجأ يأوون اليه، فلما لم يروا شيئا قالوا لم يبق إلا القتال، وكبير القوم معه ولد، فصار الولد كلما رأى العدو آت من جهة حول أباه إلى جهة أخرى، فقال له بعض القوم: أنت ما شغلك إلا أبوك. قال لهم: نعم رجل كألف وألف خفاف كاف. فقال رضى الله عنه صدق الولد، متى كان الرأس موجوداً، فالذي يذهب يأتي الله بمن يكون مثله أو فوقه أو دونه". 2. أسلوب استخدام الشدة في مواقف الشدة: كان ابن السنوسي ضابطا لأتباعه يحن توجيههم ولا يتهاون في معاقبة المنحرف منهم. فقد حكى أحمد الشريف في رحلته عن أحد شيوخ الحركة، أنه كان مقدمُ إحدى الزوايا في الصحراء، فثار فيها للجهاد في كافر وأمه جاءا سائحين، الكافر يداوى الرجال وأمه تداوى النساء، فلم يشعر إلا ومقدم الزاوية ومعاونه يهاجمانهما بالأسلحة، فصادفا حاكم البلاد وكان تركياً، فقال له مقدم الزاوية: اليوم يخرج النصراني من البلاد، فقال الحاكم له: امهله اليوم وغداً يخرج فقال مقدم الزاوية لابد أن يخرج اليوم، فتلطف التركي معه فلم يفد. واشتد الخصام بين الحاكم التركي وبين الشيخ وحدثت فتنة كبيرة، فلما وصل الخبر الى ابن السنوسي أرسل اليهما وعندما وصلا قال لهما: " أنا أرسلتكما للقراءة والدلالة على الخير أو أرسلتكما حاكمين؟" ولم يرجعا إلى محلهما لأن ابن السنوسي عزلهما عن عملهما، لأن تصرفهما كان يخالف بالكلية خطه في الدعوة إلى الله بالحكمة وعدم الاحتكاك بالسلطة. خاتمة:لقد اتصف ابن السنوسي بصفات الدعاة الربانيين، من الصدق والإخلاص، والدعوة على بصيرة، والتواضع والإرادة القوية. أما عن أفكاره فيمكننا الوصول إليها من خلال كتبه، ومن أهمها؛ كتاب المسائل العشر، السلسبيل المعين، إيقاظ الوسنان في العمل بالحديث والقرآن، رسالة مقدمة "موطأ الإمام مالك" وغيرها.