13 سبتمبر 2025

تسجيل

الكبرياء لله وحده

17 يوليو 2014

إن من الأخلاق الذميمة التي تحمل الإنسان على ما لا يرضاه الله عز وجل من الأقوال والأفعال الكِبْر, الكبر هذا الخلق الذميم الذي أُخرج بسببه إبليس من الجنة فأُهبط من المقام الذي كان فيه . الكبر هذه الصفة التي لا تنبغي إلا لله تبارك وتعالى, صفة الكبر هذه صفة كمال في ربنا عز وجل, وصفة نقص في المخلوق , قال النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( قال الله تبارك وتعالى: العز إزاري والكبرياء ردائي ), وفي رواية: ( والعظمة ردائي, فمن نازعني في واحد منهما عذبته ) وذلك لأن هاتين الصفتين من صفات الله تبارك وتعالى خاصة , لا يجوز للمخلوق أن يتصف بهما, فالله تعالى إذا اتصف بهما كان ذلك فيه كمال, والمخلوق إذا تجرأ ولبس شيئًا من هاتين الصفتين كان فيه نقص وعيب. قال الله تبارك وتعالى: ( سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق ) , فالمتكبر لا ينتفع بآيات الله؛ ذلك أن الله عز وجل يصرفها عنه , والمتكبر لا يرى الحق أبدً ا, بل يرى الحق باطلاً , ويرى الباطل حقًا, قال الله عز وجل عن فرعون : ( كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار ), فالمتكبر متوعد أن يطبع الله على قلبه , فلا يرى الحقد على حقيقته , وقال عز وجل مبينًا أنه المتكبر ( إنه لا يحب المستكبرين ), إنه لا يحب المتعالين المتغطرسين المتجبرين , والمتكبر عن عبادة الله تبارك وتعالى والخضوع له متوعد بدخول جهنم كما قال الله عز وجل: ( إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) بل إن المتكبرين من أكثر أهل النار عددًا كما صح ذلك عن نبينا صلى الله عليه وسلم إذ قال: ( قالت النار أوثرت بالمتكبرين ), ولذلك يقول سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى: من كانت معصيته في شهوة نرجو له توبة ؛ فإن آدم عليه السلام عصى مشتهيًا فغفر له , أي ما حمله على المعصية ليس الكبر, وإنما حمله على ذلك الملك الذي لا يبلى حمله على ذلك أنه يحب أن لا يعرى, فلذلك أقدم على الأكل من الشجرة فإذا كانت معصيته من كبر فأخشى عليه اللعنة فإن إبليس عصى مستكبرًا فلعنه الله . فالكبر خلق باطن تَصدر أعمالٌ هي ثمرته , فتظهر هذه الأعمال على الجوارح ؛ لأن كل إناء بما فيه ينضح , وآفة الكبر عظيمة , وفيه يهلك الخواص , وقلما ينفك عنه العباد والزهاد والعلماء, قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ), وإنما صار الكبر حجابا دون الخير؛ لأنه يحول بين العبد وبين أخلاق المؤمنين ؛ لأن صاحبه لا يقدر أن يحب للمؤمنين ما يحب لنفسه , فلا يقدر على التواضع , ولا يقدر على ترك الحقد والحسد والغضب , ولا على كظم الغيظ , وقبول النصح , ولا يسلم من الازدراء بالناس واغتيابهم , فما من خلق ذميم إلا وهو مضطر إليه , وما من خلق يكرهه الله عز وجل إلا ويرتكبه ؛ ذلك أن الكبر قد دخل في قلبه , ومن شر أنواع الكبر ما يمنع من استفادة العلم وقبول الحق والانقياد له . وقد شرح النبي صلى الله عليه وسلم لنا الكبر شرحًا موجزًا مختصرًا جامعًا مانعًا , فكفى به صلى الله عليه وسلم مفسرًا , وكفى به صلى الله عليه وسلم مبينًا لمعناه , وذلك في صحيح مسلم أنه قال صلى الله عليه وسلم: ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) فقال رجل: يا رسول, إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا , ونعله حسنا! فقال صلى الله عليه وسلم: ( ليس ذلك, إن الله جميل يحب الجمال , الكبر بطر الحق وغمط الناس )