15 سبتمبر 2025
تسجيلتواجه المجتمعات - أفرادا وجماعات - تحديات مختلفة في حياتها المعيشية لكن هناك تحديات من العيار الثقيل يجب أن تجتهد الأمة في التخلص منها. ويمكن القول إن نصرة المظلومين في المجتمعات هي أكبر تحد تواجهه ويواجهه أصحاب الرأي والمشورة فيه لأن الظلم عندما يقع ويسكت عنه يستشري بسبب ذلك الفساد في الأرض..فيأكل القوي الضعيف وتهضم الحقوق ويستأسد الأقوياء على الضعفاء ويشيع تسلط طوائف من المجتمع على غيرهم دون رقيب.. خذ مثلا الجهات الأمنية في العالم الثالث كيف لو أراد شخص منها بمبادرة شخصية إلحاق الأذى بإنسان كيف أن قوى المجتمع تبقى عاجزة عن نصرة المظلوم..لأن الأمر بيد جهات يسمونها سيادية فيقع الظلم وما من مرجع -حتى القضاء- لرفع الأذى عن مظلوم. ..فالظلم فساد عريض حرمه الله تعالى على نفسه وجعله بيننا محرما وما سوى الظلم أهون منه في كل مجتمع فلو أفلحنا في القضاء على الظلم بكافة مظاهره فأسندت الأمور إلى أهلها وعادت الحقوق لأصحابها لانضبطت كثير من مظاهر الانحراف والضلال فالمظلوم في المجتمع تحد كبير سواء له في كيفية تصرفه فيما وقع عليه أو في المجتمع الذي قد يعاني هذا الظلم ولا يسارع لإنكاره أو نصرة من ظلم. يقول الإمام ابن تيمية : وكل بني آدم لا تتم مصلحتهم لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا بالاجتماع والتعاون والتناصر فالتعاون والتناصر على جلب منافعهم والتناصر لدفع مضارهم ولهذا يقال الإنسان مدني بالطبع..إلى أن قال: عاقبة الظلم وخيمة وعاقبة العدل كريمة ولهذا يروى الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة..) (1) ومن أجل ما ينبغي للمسلمين أن يتعاونوا فيه وأن تمتد الرقابة لتشمله نصرة المظلوم. ولقد أقر الإسلام أحلافا قامت على إيجاب نصرة المظلوم والوقوف إلى جانبه حتى يأخذ حقه ممن ظلمه كحلف المطيبين. فقد أخرج أحمد وأبو يعلي وصححه ابن حبان والحاكم من حديث عبد الرحمن بن عوف: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " شهدت مع عمومتي حلف المطيبين، فما أحب أن أنكثه " وحلف المطيبين كان قبل المبعث بمدة، ذكره ابن إسحاق وغيره، وكان جمع من قريش اجتمعوا فتعاقدوا على أن ينصروا المظلوم وينصفوا بين الناس ونحو ذلك من خلال الخير، واستمر ذلك بعد المبعث، ويستفاد من حديث عبد الرحمن بن عوف أنهم استمروا على ذلك في الإسلام. وجاء في تفسير قوله تعالى عن عيسى عليه السلام : "وجعلني مباركا أين ما كنت" أي ذا بركات ومنافع في الدين والدعاء إليه ومعلما له. قال سهل بن سعد التستري: وجعلني آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، وأرشد الضال، وأنصر المظلوم، وأغيث الملهوف. (القرطبي ج 11 ) وجاء في حديث البخاري عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : (أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً) قلت: يا رسول الله أنصره مظلوماً، فكيف أنصره ظالماً ؟ قال: (تمنعه من الظلم، فذلك نصرك إياه). ولقد حذر الشرع من ترك المظلوم وبين أن هذا مجلبة لغضب الله تعالى عليه وستدور الأيام ليخذله الله تعالى كما خذل هو غيره وروى أبو داود مرفوعا: "ما من مسلم يخذل مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته، وما من مسلم ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته". وذكر أبو منصور البغدادي بإسناده إلى عبداللّه بن الحارث، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: (إغاثة الملهوف فرض على كل مسلم) شرح مسند أبي حنيفة الإصدار 04و1. من حديث عدي بن عميرة قال: سمعت رسول الله يقول: (إن الله عز وجل لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه، فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة) (2). (قال عمر بن عبد العزيز: وكان الوليد بن عبد الملك بالشام والحجاج بالعراق وعثمان بن حيان بالحجاز وقرة بن شريك بمصر: امتلأت الأرض والله جورا) (3) ولقد جرت حكمة الله تعالى بعقوبة الحاكم الظالم بتسليط غيره عليه ولو بعد حين من ذلك ما ورد عن كسرى لما كتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى الإسلام فغضب ومزق كتابه كتب إلى نائبه باليمن يقول له ما قال وفي بعض الروايات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرسول بأذان إن ربي قد قتل الليلة ربك فكان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل تلك الليلة بعينها قتله بنوه لظلمه بعد عدله.. (4) [email protected]