11 سبتمبر 2025
تسجيلتتفاقم مشاكل العمال العرب خاصة مع زيادة محاولات الهجرة إلى الشمال الأوروبي وموت الآلاف يوميا على شواطئ القارة العجوز ، والتي صاحبت ثورات الربيع العربي وتوابعها المستمرة في ليبيا واليمن وسوريا والعراق ومصر وزيادة أعداد العاطلين عن العمل ، والفشل في إيجاد فرص عمل جديدة في البلاد العربية والإسلامية مهبط الأديان السماوية وأرض الأنبياء ومخزن النفط والغاز ، وهي مقومات تجعل منها مناطق جذب شديدة لمن يبحثون عن الرزق أو ضاقت بهم الحياة أو يشعرون بالظلم أو الخوف على أرض البسيطة ، ولكن الغريب أن تتحول هذه المميزات إلى عوامل طرد إلى بلاد الغرب وأمريكا ، نتيجة للقوانين التي تحول دون ذلك ‘ وخاصة قوانين الهجرة والعمل ، الأمر الذي يجعل العمالة المهاجرة غير الشرعية محاصرة بين المطرقة والسندان ، فخلفها سلسلة من القوانين التي تمثل قيودا حديدية أمام أحلامهم في الحياة الشريفة ، وأمامها في البحر المتوسط وعلى شواطئه سفن حربية ومدنية ومروحيات وغيرها من المعدات والقوات المدججة التي تفقدهم حياتهم أو عودتهم من حيث أتوا ، ومع ذلك تقف منظمة العمل الدولية عاجزة عن حمايتهم ، كما فشلت الدول العربية والإفريقية خاصة المصدرة لهؤلاء في إقناع المنظمة الدولية في التدخل لمواجهة هذه الظاهرة ، الأمر الذي أكد فيه الأمين العام للمنظمة الدولية إلى ضرورة أن تضع الدول الأوروبية خطة مشتركة تتعامل مع جذور المشكلة وتأخذ بعين الاعتبار سلامة المهاجرين واللاجئين، ولكن في تحول إيجابي استطاعت دولة قطر مؤخرا في اجتماعات الدورة الــ 104 لمؤتمر المنظمة السنوي الذي عقد بجنيف هذا الشهر أن تنقل صورة حضارية كأول دولة خليجية تعلن التخلي عن نظام الكفيل العربي الفريد في العالم وتضع أول مسمار في نعش هذا النظام الذي يسيء للدول العربية والإسلامية، والذي تطالب المنظمات الإنسانية والحقوقية العالمية بإلغائه منذ سنوات بدون استجابة حقيقية، وكانت دولة قطر قد أعلنت رسميا تخليها كليا عن نظام الكفالة الحالي، واستبداله بنظام جديد يرتكز على العقود الموقعة بين العامل وصاحبه، مع إلغاء نظام مأذونية الخروج الحالي، والذي يتطلب موافقة صاحب العمل قبل مغادرة الموظف للدولة بنظام آلي جديد يعمل من خلال وزارة الداخلية، مع فرض غرامة في حدود 15 ألف دولار على صاحب العمل الذي يحتجز جواز سفر موظفه في إطار حزمة إصلاحات واسعة النطاق على سوق العمل، من أجل تعزيز حقوق العمال وتحسين ظروف معيشتهم وعملهم في الدولة، تماشيًا مع التزام السلطات برؤية قطر 2030 ، حيث تتضمن هذه الحزمة الإصلاحية إلغاء شهادات عدم الممانعة التي كانت تفرض لتنظيم انتقال الموظفين من مكان عمل إلى آخر، واستبدالها بنظام عقد العمل، والسماح للعامل أن يغير العمل بعد انتهاء مدة العقد محدد المدة في حين يمكن للعامل الانتقال إلى عمل آخر بعد مضي 5 أعوام في حال العقد غير محدد المدة، دون الحاجة لموافقة صاحب العمل، ولاشك أن ذلك يعد تطورا نوعيا وجوهريا في تغيير النظرة إلى الأيدي العاملة الوافدة التي تسهم في عمليات البناء والتطور الاقتصادي في المنطقة، لأنه من متابعة مؤتمرات منظمة العمل الدولية التي تعقد سنويا في العاصمة السويسرية جنيف، نجد أنها تفتقد تماما لأي آليات عملية ومنهجية يمكن أن تتصدى لمعالجة المشاكل العمالية في بلاد العرب والمسلمين لأنها ذات طبيعة خاصة وتختلف عن نوعية المشاكل في البلاد الأوربية، حيث إن بعض أنظمة الكفيل لا تعطي للعامل الوافد حرية السفر بدون موافقة الكفيل، وهو ما تسبب في إثارة شكاوى عالمية جعلت نظام الكفيل يصنف كنوع من العبودية والعمل الجبري الذي لا تقرة حقوق الإنسان أو المعاهدات الدولية لحقوق العمال المهاجرين، وكذلك لم تتبن هذه المؤتمرات الدولية أي قوانين أو توصيات لمعالجة أوضاع المهاجرين العرب غير الشرعيين الذين تطلق عليهم السلطات الأوروبية النار جهارا نهارا لمنعهم حتى من مجرد الوصول إلى شواطئهم، حيث تزايدت أعدادهم خاصة أن أسواق العمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حتى الآن بحاجة إلى التعافي من تداعيات حالة عدم الاستقرار السياسي التي بدأت في عام 2011، والتي زاد معها معدل البطالة بها إلى 11,6 % من 10,8 % في العام السابق، ومن المتوقع أن يرتفع قليلاً إلى 11,7 % بنهاية عام 2015، حسب تقرير منظمة العمل الدولية.