19 سبتمبر 2025

تسجيل

طاحت الصومعة علقوا الحجام

17 يونيو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يحكى أنه ملكا استدعى حجاما (حلاق) ليحلق رأسه ويشذب لحيته، وفعلا ذهب إليه الحلاق ولكن المسكين جرح الملك جرحا بسيطا، فاستشاط الملك غيظا، لكنه لم يرد أن يقول عنه الشعب إنه شنق الحلاق من أجل جرح بسيط، فأسرها في نفسه. وفي أحد الأيام، حملوا له خبر انهيار صومعة المسجد المحاذي لدكان الحلاق، فأعطى أوامره بإلقاء القبض على الحلاق وشنقه، بما أن المسكين كان كل مساء وهو يهم بإغلاق دكانه، يرش الصومعة بالماء. فقيل إن هذا الرش اليومي هو الذي تسبب في تآكل جدار الصومعة فسقطت، وفعلا شنق الحلاق ظلما. هذه قصة المثل المغربي "طاحت الصومعة علقوا الحجام"، أي سقطت الصومعة، اشنقوا الحلاق. وهو مثل يستعين به المغاربة كلما أرادوا التعليق على حكم ظالم اتخذ في حق شخص مظلوم لا حول له ولا قوة، في حين أن الجاني الحقيقي طليق. ولم أجد أفضل من هذا المثل أيضا لكي أعلق على الحادثة الأليمة التي شهدها أحد الشواطئ المغربية الأسبوع الماضي، بعد أن ابتلع 11 طفلا رياضيا كانوا في رحلة ترفيهية رفقة مدربهم ورئيس جمعية النور للتايكواندو مصطفى العمراني، الذي اقترف "جرما" لا يغتفر بعد أن سولت له نفسه الترفيه عن هؤلاء الأطفال واقتطاع جزء من وقته لاصطحابهم في رحلة بحرية. مباشرة بعد إحصاء عدد الضحايا، لم تتردد النيابة العامة في إلقاء القبض على المدرب، متهمة إياه بالقتل الخطأ الناتج عن الإهمال. وحتى الساعة ورغم حملة التضامن الواسعة التي شملت كل فئات الشعب المغربي، وأهالي الضحايا الذين تنازلوا عن حقهم في المتابعة القضائية، مع العمراني، مازال يخضع المسكين للمحاكمة على جريمة لم يقترفها. ولم يسمح له حتى بالخروج لتلقي العزاء في ابنته التي كانت أيضاً من بين ضحايا الغرق، رغم أنه يعيش حالة نفسية صعبة للغاية. قد يكون المدرب أخطأ في عدم الانتباه إلى أن هذا الشاطئ غير صالح للسباحة. ولكن كيف له أن ينتبه وليس هناك أي إشارة من قبل السلطات المحلية لهذا الأمر. فلماذا لم يتم استدعاء السلطات المحلية والمنتخبين والمسؤولين على سلامة المواطن المغربي، الذين لا يقومون بعملهم والذين لا يظهرون سوى في المواسم الانتخابية ويختفون أبد الدهر؟ الآن يتساءل المغاربة، هل اغتصب العمراني 11 طفلا؟ هل سرق 22 مليارا في ملعب الرباط؟ هل قتل 34 طفلا رياضيا في حادثة طانطان؟ ما فعله العمراني هو التطوع لتأدية دور من المفروض أن تقوم به الدولة، وهو الاهتمام بالطفولة وتوجيهها في الاتجاه الصحيح بعيدا عن الانحراف والضياع، توجيهها نحو الرياضة والإنجازات، والدليل أن إحدى الضحايا هي بطلة إفريقيا في التايكواندو. وفي نهاية المطاف يكون كبش الفداء الوحيد لهذه القضية التي تحولت إلى قضية رأي عام. فكل التضامن مع مصطفى العمراني، لأننا لن نقبل بأن يكون الحجام الذي شنق بعد أن سقطت الصومعة.