30 أكتوبر 2025

تسجيل

الإهانة وما تفعل

17 يونيو 2014

ماذا يمكن أن تتوقع من شخص ينشأ في بيت لا يعترف بجهوده، ويتم تحقيره والتقليل من شأنه، والتعدي عليه بالإهانات والشتائم؟ لاشك أنه مع مرور الوقت ومع كثرة ما يتردد على سمعه من إهانات وما شابه، سيبدأ يتبنى ما يصدر بحقه، ويبدأ يعتقد في صحة ما يسمعه وما يُقال عنه، فلا يمكن أن يكون الجميع على خطأ وهو الصائب الوحيد، فيدخل مرحلة حياتية خطرة حين يبدأ هو بنفسه في تحقير ذاته أيضاً وينشأ على هذا، حتى إذا ما خرج إلى المجتمع وجدته إنساناً سلبياً لا يعترف بوجوده، ودائم التقليل من شأنه وفاقداً للثقة، وبالتالي لا يتمكن من إنجاز ما يوكل إليه من عمل، ولسان حاله يردد: ألستُ الشخص غير المنتج وغير القادر على فعل شيء؟ ألستُ الشخص الذي كان ناقصاً حقيراً في بيته وبين أهله؟ إذن لماذا أحزن وواقعي هو هذا؟! ما سبق هو ما نسميه اليوم بتحقير الذات وجلده، وهذا النوع من التحقير من الأسباب التي تجعل الفرد غير منتج في المجتمع، وقد يتحول يوماً ما إلى عنصر هدم بسبب ما تحيط به من مشاعر سيئة وكبت رهيب. حين يبدأ الفرد بالتقليل من شأن نفسه أو احتقار ذاته، فإن هذا دليل على أن هناك جذوراً للعملية تصل إلى أعماق ذاكرة هذا الشخص، بحيث تتغذى تلك الجذور على ذكريات وحوادث غير سارة، تعتبر مصادر التغذية الرئيسية للشعور بالدونية، وبالتالي التقليل من الذات أو تحقيرها. تلك الذكريات تعود بالطبع إلى مراحل مبكرة من عمر الإنسان، وخاصة البيت ومن ثم المدرسة، باعتبارهما أكثر المواقع التي يمكث فيها أي فرد منا في حياته، وأكثر المواقع التي يختلط بأفرادها، وتنشأ علاقات، وتتنوع الصداقات، وتتشكل الشخصيات، ويمتلئ الذهن بعشرات الألوف من الذكريات المتنوعة كذلك. البيت دوره مهم جداً في رفع أو خفض شأن أي أحد من أفراده، وحين يجد فرد في بيته كل تشجيع ورفع شأن من أبويه وإخوته فهذا لا شك يؤدي إلى تأثر الشخص بشكل إيجابي، وينشأ شخصاً معتزاً بذاته، يحترم نفسه وشخصيته، ويخرج واثقاً من نفسه إلى المجتمع، وتكون النتيجة إيجابية من خلال نظرة المجتمع الإيجابية إليه، والعكس هو ما تحدثنا عنه في بداية المقال.. فلننتبه ونحن نربي أبناءنا، فالأمر جد لا يتحمل الهزل ويستحق كل اهتمام ورعاية.