04 أكتوبر 2025
تسجيللم يعد مقبولا أبداً هذا التخاذل والترهل البليد البغيض من معظم الدول العربية والإسلامية إزاء ما يجري في سوريا من كوارث يومية تشيب لهولها الولدان ومازال الحراك لنصرة الثورة المجيدة خجولا ومتواضعا جدا في مقابل غليان المواقف الدنيئة الداعمة والمشاركة ماديا ومعنويا لتعزيز جرائم سلطة الاستبداد والاستعباد من جهة إيران ومشروعها التوسعي الخطير مستخدمة ذراعها الأسود الطائفي المسمى حزب الله لأوامر وليها الفقيه ومن جهة عراق المالكي الطائفي أيضا بالدوافع نفسها دون أن ننسى تمترس روسيا الاتحادية التي هي امتداد للبلشفية الدموية التي أحرقت ودمرت وهجرت الملايين ممن اعتبرتهم حشرات ضارة ليسوا من البشر ما داموا معارضين، فما أشبه الليلة بالبارحة وهكذا فإن دنيا المصالح والإيديولوجيات اللاإنسانية واللاأخلاقية هي ما يحكم اليوم ومن هنا كان لزاما على العرب والمسلمين تحديدا أن يبدأوا تأسيس فهم ووعي وإدراك جديد لطبيعة هذه المرحلة المختلفة التي أعد لها كي تسير مسارها الجهنمي لتحرق الأخضر واليابس من البلاد والعباد الذين هم يستهدفون من قوى الصهيونية العالمية وقوى الشيعة الرافضة التي وإن أعلنت أنها تحارب إسرائيل وتدعم المقاومة فإن ذلك لأهداف باتت معروفة إذ هي كانت في السر وفي الواقع اليوم تعمل بكل جهودها لتمكين الصهاينة والغرب من بلادنا كي تخلو لها الساحة وتحقق أحلامها التي يجب أن تلوح قبل ظهور المهدي المزعوم عندهم والذي يعولون عليه لاستكمالها، ولعلنا إذا نظرنا نظرة مبدئية عن إبقاء الولي الفقيه مستحوذا وحده على السلطة الحقيقية في إيران فلن نجد نظاما فرديا دكتاتوريا مثله، وهاهو يفعل بسوريا والمنطقة كما يحلو له مما خططه وتنفذه أدواته من الملالي والدبلوماسيين والحرس الثوري لإنشاء إيران الكبرى، وما نظن أن انتخاب حسن روحاني رئيسا جديدا لإيران وهو المقرب من الإصلاحيين وما قال إن فوزه انتصار للاعتدال على التطرف سيغير من المعادلة شيئا في القضية السورية مهما بقي المرشد علي خامنئي هو الولي الفقيه الآمر الناهي الذي لن يمكن أن يضحي بمشروع الأمن القومي الإيراني وموقفه التوسعي حتى لو اقترح روحاني جدلا بعض التعديل فإن هذا خط أحمر لديهم لأنه موقف ثابت مذهبيا وكم كانوا يتلهفون إلى تحقيقه بباطنيتهم ومخططاتهم السرية للحرب القادمة وهو ما كان أسره الخميني لسيد حسين في مقابلة سوداء تحدث فيها عن سفك دماء السنة ومحو مكة والمدينة من وجه الأرض، وتحويل كربلاء قبلة للصلاة بعد هدم الكعبة، ثم قال له " لقد قامت دولتنا ولم يبق إلا التنفيذ " ونحن لا ننسى كم بدأوا يطمئنون لتصاعد مدهم الشيعي خاصة قبل مجيء ربيع الثورات العربية، ولذا نؤكد أن هذا المشروع إنما هو مستأجر لصالح إسرائيل وأمريكا والغرب وروسيا وكل معتد أثيم على العرب والمسلمين، ولعل بعض البراهين تسعفنا في ذلك فمن المعروف أن أوباما قال مؤخرا أنه سيفاوض إيران دون شروط وسيمنحها امتيازات كبيرة إذا أوقفت برنامجها النووي، إذ هو يدرك مرونتها الحقيقية مع إسرائيل والغرب للوصول إلى حلول وسطية تكسب فيها الغنائم ويبقى عدوها الأول المنطقة العربية السنية، أما بالنسبة للقضية السورية فلم نجد السيد أوباما يمارس أي ترغيب فضلا عن الترهيب لحل معاناة الشعب السوري معها، لأن حل القضية ليس في صالح إسرائيل ولا إيران ولا أمريكا، ولأنه دبر لأن تكون سوريا منطلق هذا المشروع الإيراني التوسعي المعتدي الخبيث، فكيف تسوغ معارضته؟!! وإن العجب كل العجب أن يتمدد بطروحاته الصفوية الفارسية في عهد الثورة السورية مع أنه لم يبلغ ذلك حتى قبلها، لا ريب أنه الجهد المتآمر الكبير لممارسته قبل أن تقطع الثورة نياطه، ومن قرأ شهادة " بريجنسكي" مستشار الأمن الأمريكي السابق في كتابه لعبة الشطرنج صـ 250 أن وجود إيران قوية حتى وإن كانت مدفوعة دينيا هو من مصلحة أمريكا، يفسر ما نقول، وكذا ما ذكره " بول بريمر" بعد أن التقى بأقطاب الشيعة في العراق بقوله: " إننا ننتظركم منذ ثمانين عاما!" ولعل من أهم الكتب التي سلطت الضوء على التعاملات بين إسرائيل وأمريكا وإيران كتاب _حلف المصالح المشتركة_" لتريتا بارسي"نشر مكتبة مدبولي في القاهرة، وعليه ؛ فليس صحيحا أن مشروع أمريكا وإيران متناقضان بل هما متفقان في معظم الأمور وتثبت بارسي في كتابها صـ 95: كيف تم الاتفاق مع إيران من قبل بيغن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق لضرب المفاعل النووي العراقي وكيف زود بيغن إيران بالأسلحة الإسرائيلية وحينها سمح الخميني بنقل آلاف اليهود الإيرانيين بحافلات إلى باكستان ثم إلى إسرائيل، ولما سئل عن شرعية التعامل مع إسرائيل قال:" إن لم يكن مباشرا فلا أبالي!" والحقيقة أنه كما ذكر الأستاذ محمد العبدة في كتابه _ الواقعة السورية _ أن المشروع الأمريكي يريد تفتيت المنطقة أكثر مما هي مقسمة اليوم على أسس عرقية وطائفية وأن إيران وحلفاءها خير من يقوم بهذا المخطط، ولننظر مثالا على ذلك العراق وما يسمى بحزب الله الشيعي في لبنان والعائلة الأسدية التابعة للشيعة في سورية لتمزيق الأمة والوطن وتأجيج الصراع، فمن هذه الأمثلة التي هي غيض من فيض ندرك خطر المشروع الإيراني على المنطقة بأمر الولي الفقيه الذي نصت عليه المادة الخامسة من دستورهم، وعمل إيران كجندي مطيع للغرب وبالتنسيق الحقيقي مع الروس لتحقيق الأهداف التحالفية ضد العرب والمسلمين، فأين أين دورنا نحن في تحالفاتنا الإقليمية بل والعالمية بذاتنا وثرواتنا في وجه هذا التوسع والطمع المتغلغل؟ وما الموقف من هذا الإخطبوط الخطير الذي بدت خفاياه وانكشفت عوراته فهل يكون في موقف مصر مؤخرا بقطع العلاقات مع اللانظام السوري ومطالبة ما يسمى بحزب الله بمغادرة سوريا وإيقاف غزوه البغيض تعزيز وإضافة إلى موقف مجلس التعاون الخليجي المهم في هذا الجانب؟ للسرعة بانطلاقة جولات ميدانية واتصالات عالية المستوى وبجدية لإقناع بقية الدول العربية والإسلامية كي تقف عند مسؤولياتها حقا ضد هذه الأطماع والاعتداءات الخطيرة؟ وقبل أن ننسى فالترحيب كل الترحيب لمؤتمر علماء الأمة في القاهرة الذي كان له الدور الكبير في إثارة هذا الحراك الذي بات واجب الوقت قبل أن تخرب مؤامرات المعتدين العالم الإسلامي، ولا نقول قبل أن تخرب البصرة!