14 سبتمبر 2025
تسجيلاهدم بالإشاعة... فتت بالإشاعة... روّج الإشاعة... زعزع بالإشاعة... انشر الإشاعة... حطم بالإشاعة... شكّك بالإشاعة... دمر بالإشاعة... أوهن بالإشاعة... فكك بالإشاعة... اضرب بالإشاعة... شوّه بالإشاعة... وتر بالإشاعة، وغير ذلك من الكلمات السلبية التي يأنف منها الإنسان السوي صاحب وحامل القيم الإيجابية في المجتمع وخير المجتمع. ومن جانب آخر فالإشاعة وحملتها يهدمون مجتمعاً... يفكّكون أسراً... يوهنون العمل المؤسسي... يضعفون العلاقات... يقطعون الأواصر... يُهلكون أنفسهم وغيرهم. قال أمير المؤمنين الخليفة الراشد عمر رضي الله عنه "إياكم والفتن فإن وقع اللسان فيها مثل وقع السيف". فالانتماء الحقيقي والمسؤول والصادق لبلدك هو أن تساهم بصورة صحيحة وسليمة وإيجابية وفاعلة وعملية في الحفاظ على أمنه واستقراره، وعدم السماح لأصحاب الإشاعات بأي شكل من الأشكال ومَن يريد أن يبث سمومه في الوطن وبين أبنائه ومَن يقيم عليه، واستشعار هذه المسؤولية المجتمعية فيصبح الجميع عيوناً ساهرة يقظة وقلوباً نابضة حيّة لحماية الوطن من هذا المرض وهذه القيمة السيئة والبغيضة للنفوس الأبية. فلندفن الإشاعات في مهدها ومتى خرجت بأي طريقة وبأي أسلوب، ولا نُدحرجها كالكرة الثلجية فتكبر وتكبر كلما دحرجت، فلنجعلها تذوب في أوّل الأمر. قال الحسن البصري رحمه الله: "المؤمن وقّاف حتى يتبيّن". ونأمل من الجهات المختصّة بالدولة أن تُسن قانوناً لمكافحة الإشاعة على غرار قانون مكافحة التدخين وقانون مكافحة المخدرات وغير ذلك من القوانين، لاقتفاء خط سير الإشاعة ومروجها وتتبع مسارها للوصول إلى جذورها وبترها ووضع اليد على مطلقيها ومحاسبتهم بحزم وفق القانون ولا تساهل. حفظ الله قطر وأهلها من شر الإشاعات ومن خبث ناشريها خفافيش الليل وخفافيش التواصل الاجتماعي الإلكتروني. فقد روي عن الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز رحمه الله أنه دخل عليه رجل فذكر له عن رجل شيئاً فقال له عمر: إن شئت نظرنا في أمرك فإن كنت كاذباً فأنت من أهل هذه الآية ((إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا)) سورة الحجرات. وإن كنت صادقاً فأنت من أهل هذه الآية ((هماز مشاء بنميم)) سورة القلم. وإن شئت عفونا عنك فقال: العفو يا أمير المؤمنين لا أعود إليه أبداً. والتثبت مطلب شرعي وقيمة أخلاقية ينادي بها ديننا الحنيف ويحثّ عليها، وهي كذلك مطلب مجتمعي وحضاري، فلا يكن منا ولا فينا (طبالاً) ولا (ناعقاً) ولكلّ حدث وقضية، أمسكوا أجهزتكم عن نشر وتبادل الإشاعات لأنها مرض وخسة لا تخرج إلا من المستنقعات القذرة ذات الرائحة الكريهة، ولا تتغذى هذه النفوس إلا على طفيليات الأخبار والنقل والقيل والقال غير المسؤولة. "ومضة" قال الإمام مالك رحمه الله: " اعلم أنه فساد عظيم أن يتكلّم الإنسان بكل ما سمع"، فما بالكم اليوم يُرسل بكل ما أُرسل إليه.