13 سبتمبر 2025
تسجيلتكمن الأنا عند الجميع خاصة عند التحكم والانتقاد، سهولة الإشارة على ما هو مبالغ فيه أو ما لا تتقبله بشكل عام. ومن هنا أنت تحاول أن ترى من منظورك الذي قد يقمع الحيادية ويظل في مرحلة النقد من دون أي تبرير على أسباب ذلك النقد أو القصد من ورائه. بالتالي، تصبح متذمراً، حيث تنظر للشيء على انه طفرة، موضة تنتظر زوالها بسرعة، أو مجرد تقليد لا ينعكس على طبيعة مجتمع، على سبيل المثال. وقد تضع سؤالا أعمق على التذمر إن كان ما تشاهده يعتبر فناً، أو ثقافةً، أو حتى إبداعاً من الأساس، لأن في السؤال اختصار وتبرير مباشر لما سيأتي من الشخص من انتقادات لن تتجاوز حدود المشهد نفسه! وفي هذه الحال، قد نواجه الثقافة من نفس المنظور، وذلك من حيث صعوبة الانتقال مع المشهد وتقبل المستجد على إنه جزء مما سبق بفضاءات جديدة. ومن جهة أخرى، قد يكون النقد في محله، عندما نستيقن بأن دواعي النقد باتت بسبب تراكمات الثقافة من الماضي، وانتقالها في وسائطها الجديدة في المستقبل من دون أن يكون لدينا فهم وحس لتلك الثقافة الجديدة، لتتحول في نهاية الأمر إلى أمر غير مقبول وقابل إلى النقد والتذمر بشكل مستمر. وهنا تكمن المسألة الانتقالية على الصعيد الثقافي بين تقبل الذائقة والعمومية في قبول كل الأذواق. ويأتي فرض العموم بسبب محدودية الأدوات التي تسهم في إثراء الفضاء المعلوماتي والتي هي محدودة بين الصوت و الصورة. بالتالي، تتحول الذائقة الحديثة من فن معاصر إلى فرض ثقافي مكتسح، وذلك لسيطرة الوسائل الحديثة على التعميم وشد الجمهور نحو الوسائل السمعية والبصرية بدلاً من التقليدي والمكتوب، وحصره على الشعبوي العام والمتداول. بالتالي، سيطرة الوسيط على الثقافة يعني تضييق الفضاء على الجمهور من حيث التنوع ومن حيث أيضاً مساحات التعبير غير الافتراضية. وهذا أمر يؤدي إلى تضييق المجال على الذائقة الرفيعة حتى، خاصة في ظل وسائل أصبحت متداولة عند الجميع، وهذا بحد ذاته قد يجعل من المراقب والمتفاعل سريع الحكم وكثير التذمر على مشهد معاصر وسريع التغيير. ولا يمنع بالتأكيد نقد ما لا تتقبله النفس، ولكن تظل حبيسة سياقها السلبي، في إطار الشحن بدلاً من إطار الابداع بهدف اتساع دائرة الفنون والثقافة المتنوعة المعاصرة ولتضييق النقد على ما سبق. بلا شك بأن المشهد الثقافي لا بد وأن ينتقل ولا يقف في حقبة معينة، ولكن من المهم أن يكون الانتقال مصاحباً لعمليات التنبؤ الثقافي لاستمرارية الأدوات وتطويرها، وضعف الأدوات الأخرى في نفس الوقت. تظل الثقافة في يد الجميع في كل حالاتها وكل الظروف التي تمر فيها، فهي رهينة المبادئ المتصدعة.