15 سبتمبر 2025
تسجيلزائر إسطنبول هذه الأيام يقف عند تمركز النقاش والسجال عند قضيتين أساسيتين.. الصراع المفتوح بين رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان، والداعية الإسلامي فتح الله غولين، وقضية انتخابات رئاسة الجمهورية.ليس من إجابة واحدة على سبب الصراع بين الرجلين ومتى بدأت شرارته الأولى.. لذلك فإن تعداد التحليلات قد توجد بعضا من الإجابة أو كلها أو ربما تزيد تعقيدا محاولة سبر الحقيقة.البعض يرى أن شرارة الصراع بدأت في العام 2007 عندما باشر أردوغان عبر وكالة الاستخبارات الوطنية مفاوضات سرية مع حزب العمال الكردستاني بشخص عبدالله أوجالان قادت لاحقا إلى ما يسمى بعملية أوسلو.. وقد كان غولين معارضا لهذه المفاوضات المباشرة التي تضر - برأيه، بمصالح تركيا بل عمل على كشف الوقائع السرية للمحادثات عبر صحيفة "طرف"، وهو ما أدى إلى فشلها وإحراج أردوغان بعدما كان ينكر ذلك.ويرى آخرون أن رغبة أردوغان الضمنية السنة الماضية الترشح إلى رئاسة الجمهورية والعمل على تغيير النظام السياسي من نظام برلماني إلى نظام رئاسي أزعجت غولين الذي كان يريد استمرار عبدالله غول في الرئاسة المعروف بقربه من غولين.. ذلك أن أردوغان رجل لا يمكن السيطرة عليه ومعروف بعصبيته ومواقفه الانفعالية، وفقا لجماعة غولين.ونتيجة لذلك، فإن غولين بدأ يحضر لإضعاف أردوغان بالكشف عن العديد من التسجيلات التي قد تدفع أردوغان إلى التخلي عن المفاوضات مع الأكراد ومن ثم التخلي أيضا عن الترشح لرئاسة الجمهورية.ويضيف بعض آخر إلى أن فتح الله غولين قد بلغ من النفوذ في إدارات الدولة وعلى كل الأصعدة مبلغا لا يمكن لأحد أن يوقفه.. وشعر أردوغان أن زعامته باتت مهددة ومكبلة من دون موافقة جماعة غولين في القرارات المصيرية.. وقد شعر أردوغان بذلك في شباط - فبراير 2012 عندما استدعى القضاء رئيس الاستخبارات حاقان فيدان للتحقيق معه بشأن المفاوضات مع حزب العمال الكردستاني تمهيدا لاتهامه بالخيانة الوطنية.وهنا انتفض أردوغان متوجسا من وجود مؤامرة دولية على أساس أن عمل الاستخبارات يخص علاقات تركيا مع الخارج وهو الأمر الذي جعله يبدأ مشروعا لإضعاف غولين بعدما اتهمه بأنه وراء استدعاء فيدان.. وبالتالي فإن الموضوع أكبر من غولين ومرتبط بمخططات خارجية لضرب الاستقرار في تركيا.وقد سعى أردوغان لتقليم أظافر غولين بالإعلان عن إغلاق المدارس المسائية التي يملكها غولين والتي يحقق من خلالها نفوذا شعبيا.وهنا يرى هؤلاء المراقبون ان المدارس التي يملكها غولين داخل تركيا وخارجها تدر عليه مبلغا سنويا يقارب الــ 8 مليارات دولار، وضرب نفوذ غولين يكون بضرب هذه الإمبراطورية.ويذهب البعض وهو الأقرب إلى سلطة حزب العدالة والتنمية، إلى أن الهدف الأساسي من الصراع هو سعي قوى خارجية ولا سيما إسرائيل والولايات المتحدة تكسير جوانح أردوغان بسبب رفضه حتى الآن أن يتجاوب مع الاعتذار الإسرائيلي عن حادثة مرمرة وفي أن الخطاب الذي يخرج به أردوغان يحرض على الكراهية ضد إسرائيل بل اليهود أيضا.وما يقوم به غولين وجماعته في الدولة من تسريب تسجيلات وفضح قضايا فساد إنما لخدمة "مؤامرة خارجية" ولي ذراع أردوغان بشأن إسرائيل.وفي صلة نسبية بهذا الملف تذهب وجهة أخرى، إلى أن تركيا بقيادة أردوغان عصية على السيطرة من جانب القوى العظمى التي ترى في نمو تركيا الاقتصادي وتصاعد دورها السياسي تهديدا للتوازنات الإقليمية والدولية.. وباب إضعاف تركيا بالتخلص من شخصية أردوغان.تتعدد الأسباب والنتيجة واحدة، وهي أن الصراع انفجر وذهب إلى حدود قصوى وباتت معركة كسر عظم وقد نجح أردوغان حتى الآن بالتقدم بعيدا في الفوز بالسباق وأن نفوذ غولين قد تراجع كثيرا بحيث لم يعد يشكل خطرا على سلطة أردوغان، غير أن البعض يرى أن باب المفاجآت لا يزال مفتوحا كلما اقتربت معركة رئاسة الجمهورية، وأن جماعة غولين لا تزال تحتفظ بنفوذ قوي في الدولة وأن تسجيلات جديدة ضد أردوغان أكثر دويا في طريقها للظهور من جانب جماعة غولين.